وقد رأى بعض العلماء أن عبادة أهل الجاهلية هي عبادة كواكب في الأصل. وأن أسماء الأصنام والآلهة، وإن تعددت وكثرت، إلا أنها ترجع كلها إلى ثالوث سماوي، هو: الشمس والقمر والزهرة. وهو رمز لعائلة صغيرة، تتألف من أب هو القمر، ومن أم هي الشمس، ومن ابن هو الزهرة. وذهبوا إلى أن أكثر أسماء الآلهة، هي في الواقع نعوت لها، وهي من قبيل ما يقال له الأسماء الحسنى لله في الإسلام.
وقد لفت الجرمان السماويان: الشمس والقمر، نظر الإنسان إليهما بصورة خاصة، لما أدرك فيهما من أثر في الإنسان وفي طباعه وسحنه وعمله، وفي الجو الذي يعيش فيه، وفي حياة زرعه وحيوانه، وفي تكوين ليله ونهاره والفصول التي تمر عليه. فتوصل بعقله يوم ذاك إلى أنه نفسه، وكل ما يحيط به، من فعل هذين الجرمين ومن أثر أجرام أخرى أقل شأنًا منهما عليه. فنسب إليهما نموه وتكوينه وبرأه وسقمه، وحياة زرعه وماشيته، ورسخ في عقله أنه إن تقرب وتعبد لهما، ولبقية الأجرام، فإنه سيرضيها، وستغدق عليه بالنعم والسعادة والمال والبركة في البنين، فصار من ثم عابد كوكب.
ونجد في حكاية كيفية اهتداء "إبراهيم" إلى عبادة إله واحد، الواردة في سورة الأنعام، تفسيرًا لسبب تعبد الإنسان للأجرام السماوية. {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، وَكَذَلِكَ نُرِي