للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الضيافة والأضياف]

وعرف الجاهليون بالقرى -أي: إطعام الأضياف- والجود خلة يتفاخر بها العرب ويتسامون، حتى إن بعضهم أوقد نارًا ليراها الأضياف فيستدلون بها على المنزل، وتسمى هذه النار: "نار القرى"، أي نار الضيافة. وأفقر رجل عندهم يقوم قدر حاجته وإمكانه بإكرام من يفد عليه. والبخل سجية مذمومة يعاب بها، وتكون سبة بين الناس. وهو لؤم، واللؤم قبيح بالعربي.

ولا يقتصر واجب المضيف على تقديم الطعام لضيفه والترحيب به، بل عليه حمايته والدفاع عنه ما دام في بيته. فإذا اعتدى عليه، كان الاعتداء كأنه وقع على المضيف، وخزي وكسف اسمه بين الناس. يلحق العار به وبأسرته، فلا بد له من حماية ضيفه والدفاع عنه مهما كان شأنه وحاله من ضعف وفقر، فإن كان عاجزًا استدعى قومه للدفاع عن اسمه من المعتدين.

وخفرة الجار ثلاث، فإذا انتهى الأجل ومضى اليوم الثالث، انتهت خفرة الجوار، وعلى الضيف الخروج. وفي أثناء الضيافة ونزول الضيف في خفرة مضيفه، يكون في مأمن وفي حمى جاره، فإن وقع عليه شيء، طالب مضيفه بالانتصاف ممن أهان ضيفه، لأنه في ضيافته، وتكون الإهانة كأنها قد لحقت به١.

وورد في الأخبار أن العرب أصحاب حياض. وأنهم كانوا يقرون في الحياض


١ الفاخر "٢٢٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>