للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّيْن:

وقد لعبت الديون دورًا خطيرًا في الحياة العامة في الجاهلية وفي الحياة الاقتصادية بصورة خاصة؛ لاضطرار التجار إلى التعامل بالدين، وكذلك الباعة والمشترون. وتلعب الحاجة الدور الأول في التداين، فلولاها لما استدان مدين.

وقد استدان أصحاب المال بعضهم من بعض أيضًا؛ لتمشية أمورهم المالية، ولتوسيع رأسمالهم بالدين، بتشغيله للحصول على ربح كبير منه. وذلك على نحو ما يفعل التجار في هذا اليوم من التداين من البنوك، لتشغيل ما يستقرضونه منها في أعمال تجارية, تأتي إليهم بأرباح تزيد كثيرًا على مقدار الفائدة التي ستدفع للبنوك.

وقد أشير إلى الدَّيْن في القرآن الكريم. ورد في سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} ١, يعني: "يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله إذا تداينتم, يعني: إذا تبايعتم بدين أو اشتريتم به أو تعاطيتم أو أخذتم به إلى أجل مسمى, يقول: إلى وقت معلوم وقَّتموه بينكم. وقد يدخل في ذلك القرض والسلم في كل ما جاز السلم شرى أحل بيعه، يصير دينًا على بائع ما أسلم إليه فيه، ويحتمل بيع الحاضر الجائز بيعه من الأملاك بالأثمان المؤجلة. كل ذلك من الديون المؤجلة إلى أجل مسمى، إذا كانت آجالها معلومة بحد موقوف عليه. كان ابن عباس يقول: نزلت هذه الآية في السلم خاصة"٢.

و"السلم" الذي يشير "ابن عباس" إليه، هو "السلف", وأسلم وأسلف بمعنى واحد٣. والسلف: القرض الذي لا منفعة فيه للمقرض غير الأجر والشكر، وعلى المقترض رده كما أخذه٤.

والدين في تعريف العلماء ما له أجل، وما لا أجل له فقرض, وبينهما وبين


١ الآية "٢٨٢".
٢ تفسير الطبري "٣/ ٧٦".
٣ تاج العروس "٨/ ٣٣٧"، "سلم".
٤ تاج العروس "٦/ ١٤٣"، "سلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>