للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مبرات جاهلية]

وكانت للجاهليين مناقب ومبرات ومكرمات، فعلوها في جاهليتهم وقبل إسلامهم.

لا ندري إذا كانوا فعلوها عن دين وعقيدة في ثواب تثيبهم الآلهة عليها في هذه الدنيا أو في الدنيا الآخرة، وذلك بالنسبة لمن آمن بوجود عالم ثان، أم أنهم فعلوها عن مروءة وكرم نفس. فمنها "السقاية:" سقاية مكة، وهي ما كانت قريش تسقيه الحجاج من الزبيب المنبوذ في الماء، وذلك في أيام الجاهلية. وكانت تعد مأثرة من مآثرهم، أو إقامة البيوت في المواسم وعلى الطرق وفي المعابد تتخذ سقاية يستقي منها الناس بلا ثمن. وقد ورد في الحديث: أنه كان يستعذب الماء من بيوت السقيا١.

ومن مبراتهم قبة عوف بن أبي عمرو بن عوف بن محلم بن ذهل بن شيبان، لا يدخلها جائع إلا أشبع، ولا خائف إلا أمن٢.

ومنها نخل ربيعة بن الأسود اليشكري، وكان جعلها لابن السبيل وكل مقطوع وقبره فيها. فلما كانت حجة الوداع، ووضع رسول الله كل دم ومكرمة في الجاهلية إلا السدانة والسقايا، قام ابن ربعة بن الأسود، فقال: يا رسول الله إن أبي كان وقف نخلًا له على أبناء السبيل أفهي مكرمة له؟ فأمضها. فأمره النبي بإمضائها. وقد مدح أولاده ونسله فنعتهم أحد الشعراء بـ"بني مورث


١ اللسان "١٤/ ٣٩٠ وما بعدها"، "سقي"، تاج العروس "١٠/ ١٧٩".
٢ المحبر "٣٤١ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>