وللجوار صلة كبيرة بـ "النسب" وبالعصبية عند العرب، فقد يتوثق الجوار، وتتقوى أواصره فيصير نسبًا، فيدخل عندئذ نسب "المستجير" بنسب "المجير"، ويصير وكأنه نسب واحد, هو نسب "المجير". وقد اندمجت بـ"الجوار" أنساب كثيرة من القبائل الصغيرة، أو القبائل التي تشعر بخوف من قبيلة أخرى أكبر منها، فتضطر إلى طلب "جوار" قبيلة أكبر منها؛ لتدافع عنها، ولتكون بذلك قوة رادعة تحمي حياتها وتحافظ على نفسها ومالها بهذا الجوار.
وهو من السنن التي حافظ عليها الجاهليون، واعتدوها كالقوانين. فإذا استجار شخص بآخر، أو استجارت قبيلة بأخرى، اكتسب هذا الجوار صيغة قانونية، ووجب على المجير المحافظة على حق الجوار, وإلا نزلت السبة بالمجير، وازدراه الناس.
ويكتسب الجوار حكمه بإعلان الطرفين قبولهما له على الملأ، في أماكن الاجتماع في الغالب، في مثل المواسم من حج أو سوق. فإذا أعلن ذلك، وعلم الناس الخبر، صار المجار في ذمة المجير، وترتب على المجير أن يكون مسئولًا عن كل ما يقع على المجار وما يصدر منه.
وقد ورد في القرآن الكريم:{وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِِ} ١. والجار ذو القربى هو نسيبك النازل معك في الحواء, ويكون نازلًا في بلدة وأنت في أخرى، فله حرمة جوار القرابة. والجار الجنب ألا يكون له مناسب فيجيء إليه ويسأله أن يجيره، أي: يمنعه فينزل معه،