للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السابع والسبعون اليهود والإسلام

ويتبين من القرآن الكريم، أن اتصال الرسول باليهود اتصالا مباشرًا إنما كان في يثرب. أما في مكة، فلم يكن لليهود فيها شأن يذكر، لذلك لا نجد في الآيات المكية ما نجده في الآيات المدنية، ولا سيما المتأخر منها، من تقريع لليهود وتوبيخ لهم، لوقوفهم موقفا معاديا من الإسلام، واتفاقهم مع المشركين في معارضة الرسول ومقاومته. وقد بدأ اليهود يعارضون الرسول والإسلام، حينما طلب إليهم الدخول في الإسلام والإيمان برسول الله، وحينما تبين لهم أن الأمر سيفلت من أيديهم، وأن الرسول ليس كبقية رجال قريش أو غير قريش سهل الانقياد مطواعا لهم، وأن تعاليم الإسلام ستفسد العرب عليهم، ولا سيما بعد تحريم الربا. والربا مورد مهم كان يدر ربحًا عظيمًا على يهود، لهذا وجدوا مصلحتهم في معارضته ومقاومته وفي الاتفاق وفي الاتفاق مع المشركين عليه.

ويظهر أنه لم يكن لليهود نفوذ كبير ولا جاليات كبيرة في مكة. فلو كان لهم نفوذ فيها أو رأي مسموع، لسمعنا به كما سمعنا بخبرهم في يثرب، ولكان لهم حي خاص بهم، ومكانة بين رجال قريش، كالذي كان عليه يهود يثرب في اتصالهم بالأوس والخزرج، ولأشير إليهم في السور المكية، على نحو ما أشير إليهم في السور المدنية، ثم لما اضطر رجال قريش للذهاب إلى يثرب مرارا، لاستشارتهم في أمر سلوكهم مع المسلمين، ولما جاء سادات يهود يثرب إلى مكة، لتحريض أهلها على مقاومة الرسول، ولعقد حلف معهم عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>