للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النصرانية في بقية مواضع جزيرة العرب]

وكان التجار الروم ينزلون سواحل العربية الجنوبية للتزود منها بالماء وبالطعام وللاتجار مع سكانها، ومهم من أقام بها وقضى حياته فيها، وتعرب. وكان منهم من بشر بالنصرانية وعمل على نشرها بين السكان. ولعل الحكومة البيزنطية كانت ترسل المبشرين إلى هذه المواضع للتبشير، كذلك أرسل نصارى الحيرة المبشرين لنشر نصرانيتهم في العربية الجنوبية١. وبعد دخول هذه البلاد في الإسلام احتفظ قوم من النصارى بدينهم، مقابل دفع الجزية للمسلمين٢.

وأما اليمامة، فكانت النصرانية قد وجدت لها سبيلا بين قراها وقبائلها. ويظهر من شعر للأعشى مدح به "هوذة بن علي" حاكمها عند مبعث الرسول، إنه كان نصرانيا من على قوم من "تميم" ففك وثاقهم يوم أسروا، ويوم قتلوا وسط "المشقر"، ومن عليهم "يوم الفصح"، يرجو الإله بما سدى وما صنعا٣.

وأما العربية الشرقية، فقد دخلت النصرانية إليها من الشمال، من العراق في الغالب. ولكن بعض الروم كانوا قد وجدوا سبيلهم إليها، فدخلوها من البحر أيضًا. فعشت في مواضع منها مثل البحرين، وقطر، وهجر، وبعض جزر الخليج. وكانت غالبية نصارى هذه الأرضين على مذهب نسطور آخذين هذا المذهب من نصارى الحيرة الذين كانوا على اتصال وثيق بهم، كما كان رجال دينهم يسافرون إلى هذه المنطقة للتبشير بها، فزرعوا فيها بذور مذهبهم، ونشروه بين من أقبل على النصرانية من العرب.


١ النصرانية "٧٠".
٢ البلاذري "٨٤".
٣ ديوان الأعشى "٨٦"، جواد علي، تأريخ العرب قبل الإسلام "٥/ ٢١١".

<<  <  ج: ص:  >  >>