للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الموت]

وفي مطلع قائمة الموضوعات التي أثارت البشرية ولا تزال تثيرها قضية الموت الذي هو ضد الحياة والعالم الثاني الذي يصير إليه الإنسان بعد الموت١. إن الموت أمر مخيف راعب يثير مشاعر كل إنسان. فما الذي سيكون مصيره بعد الحياة، وإلى أي مكان سيتجه بعد هذه الحياة، وهل الموت انطفاء لشعلة الحياة وانحلال للجسد إلى الأبد؟ أو هو مرحلة من حياة إلى حياة أخرى يحيا فيها الإنسان حياة جديدة، ويبعث بعثًا جديدًا يبعثه من خلقه؟ ثم ما الذي سيكون عليه في العالم الثاني؟ هل يعيش عيشة راضية مطمئنة، عيشة تفوق معيشته في عالمه الأول؟ أم سيعيش عيشة أخرى؟ إما راضية ناعمة، وإما شقية تعسة بحسب عمل الإنسان وما قدمه لنفسه من عمل في العالم الأول؟ هذه الأسئلة وعشرات من أمثالها شغلت بال الإنسان البدائي والراقي ولا تزال تشغله. كل وجد لها أجوبة، وكل قنع بما أجاب به عنها، ورضي بها. وكانت للجاهليين على اختلافهم آراء في هذه المشكلات لا شك في ذلك.

والموت في كلام العرب: السكون. يقال مات بمعنى سكن٢. وهذا هو المعنى المفهوم للموت عند الجاهليين. فالمراد من الموت هو سكون الجسد بعد مفارقة الروح له. وقد حار الجاهليون كما حار غيرهم في تفسير ظاهرة الموت،


١ المخصص "٢/ ٦٤".
٢ تاج العروس "١/ ٥٨٦"، "موت".

<<  <  ج: ص:  >  >>