للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الرابع والثمانون: تسخير عالم الأرواح]

[مدخل]

...

[الفصل الرابع والثمانون: تسخير عالم الأرواح]

للعالم الخفي، وأقصد به عالم الأرواح وكل ما لا تراه العين ويدركه الحس من قوى طيبة أو خبيثة، أثر خطير في عقائد أهل الجاهلية، وفي عقائد الشعوب القديمة، وفي أنفس كثير من الناس حتى اليوم، إذ يشغل ذكل العالم في الواقع جزءًا خطيرًا من الدين ومن حياة الناس عامة. فهناك صلوات وشعائر وأدعية مكتوبة وغير مكتوبة تنلى وتقال وتقرأ للسيطرة على ذلك العالم، وللانتفاع منه، ولتسخيره في سبيل خير الإنسان ومصلحته، ولتجنب أذى النوع الخبيث منه. وإذا تتبعنا هذه الاعتقادات عند الجاهليين، وجدنا إنها قد كونت الجزء الأكبر من عقيدتهم وديانتهم، وإنها والذبائح من الأصول التي ارتكزت عليها ديانات العرب قبل الإسلام.

والواقع أن الاعتقاد بالأرواح يشغل حيزًا كبيرًا من فناء الدين عند الجاهليين، وإن بدا لنا إنه شيء لا علاقة له بالدين. فنحن حين البحث في موضوع العقيدة والدين عند أهل الجاهلية، لا نتحدث بالطبع عن العقيدة والدين بالنسبة إلى معتقداتنا وبالنسبة إلى تفكير الإنسان في القرن العشرين، وإنما نتحدث عن رأي أناس عاشوا قبل الإسلام، وعن جماعة أدركت العشرين، وإنما نتحدث عن رأي أناش عاشوا قبل الإسلام، وعن جماعة أدركت الإسلام، كانت الأرواح في نظرها أكثر أثرًا في حياة الفرد من أثر الآلهة فيه. فتقرب وتوسل إليها أكثر من تقربه وتوسله إلى آلهته التي كان يرى أن بيدها مفتاح سعادته وشقائه. وآية ذلك كثرة الكلمات والمصطلحات الجاهلية المتعلقة بها، وما ورد في القرآن الكريم وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>