لقد تحدثت عن الترقيم عند الصفويين، وذكرت أنهم ساروا فيه من الواحد إلى الخمسة على أساس وضع خطوط عمودية، يمثل كل خط منها العدد "١". فإذا أرادوا كتابة الرقم "١"، وضعوا خطًّا واحدًا يمثله. وإذا أرادوا كتابة "٢"، وضعوا خطين عموديين. وإذا أرادوا العدد "٣"، وضعوا ثلاثة أعمدة. وإذا أرادوا العدد "٤"، كتبوا أربعة خطوط عمودية. وأما إذا أرادوا الرقم "٥" وضعوا خمسة خطوط.
وكتابة الأرقام من المسائل العويصة التي جابهت الكتّاب في الأزمنة القديمة. وقد كان كتّابهم يكتبون بالحروف، ولكنهم كانوا إذا أرادوا تدوين الأرقام تحيروا: هل يكتبونها كتابة بالحروف أو يجعلون لها رموزًا خاصة تشير إلى الأعداد. وقد وجدنا أن العرب الجنوبيين كانوا قد اختاروا الخط العمودي لتمثيل الرقم "١"، فإذا أرادوا الرقم "٢"، وضعوا خطين، وإذا أرادوا الرقم "٣"، وضعوا ثلاثة خطوط، وإذا أرادوا الرقم "٤"، وضعوا أربعة خطوط. ولصعوبة الاستمرار على هذه الطريقة، بسبب كبر الأعداد، اختاروا الحرف الأول من لفظة خمسة وهو الخاء لتمثيل العدد "٥"، واختاروا الحرف "ع" وهو الحرف الأول من العدد عشرة لتمثيل هذا العدد، واختاروا رموزًا أخرى كما رأينا لمعالجة مشكلة العدد عندهم، فحلوا بذلك عقدة الترقيم بعض الحل، ولم يبلغوا منه التمام.
وقد اختارت بعض الشعوب النقط، بدلًا من الخطوط. فالرقم "٧" مثلًا تمثله سبع نقط، والرقم "٣" تمثله ثلاث نقط. وسارت شعوب أخرى على طريقة الخطوط فرمزوا عن الرقم "٥" بخمسة خطوط، وعن الرقم "١٠" بعشرة خطوط عمودية, وعن الرقم "١٥" بخمسة عشر خطًّا عموديًّا. ودفعتهم صعوبة كتابة الأرقام الكبيرة بهذه الطريقة، إلى التفكير في طريقة أخرى تكون مختصرة بعض الاختصار وسهلة في التعبير عن قيم الأرقام، فاختار بعضهم النقطة رمزًا عن العدد "١٠"، واختار بعض آخر خطًّا أفقيًّا ليكون ذلك الرمز، وبذلك سهلت عليهم كتابة الأرقام الآحاد مع العشرات، فإذا أرادوا كتابة الرقم "١٠"، وضعوا نقطة واحدة "٠" أو خطًّا أفقيًّا على هذا الشكل - ليشير إلى الرقم "١٠"، وإذا أرادوا الرقم "١١"، كتبوه على هذه الصورة:"١٠" أو "-١".