للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل السادس والستون بعد المائة: الشعراء النصارى]

وحديثنا عن الشعر النصراني، مستمد من الموارد الإسلامية. أما النصوص الجاهلية، فليس فيها أي شيء عن هذا الموضوع، وأما النصوص الأعجمية، فلم تحفل به أيضا، ولم تتطرق الموارد الإسلامية إلى الشعر النصراني نفسه، من حيث طبيعته ومادته، وما امتاز به عن الشعر الوثني، أو شعر الشعراء اليهود، وما سنذكره عن الشعراء النصارى، مستمد من أسماء آبائهم ومن أسمائهم التي تدل على كونهم من النصارى ومن الشعر المنسوب إليهم.

والشعراء النصارى الذين نص على نصرانيتهم أهل الأخبار، مثل "عدي بن زيد" العبادي، أو لم ينص على نصرانيتهم، وإنما يفهم من شعرهم ومن مواطنهم أنهم كانوا نصارى، هم من الحضر، من سكان القرى ومن قبائل اشتهرت بتنصرها، وقد وجدت النصرانية سبيلها إلى مواطن الحضر والأعراب فأقامت "بيعا" وكنائس للتبشير بالنصرانية، ولتعليم أتباعها أمور الديانة، وللإشراف على إدارة شئونهم الدينية، وقد كان أكثر من قام بالتبشير من غير العرب في بادئ الأمر، من روم ومن "بني إرم"، ثم انضم إليهم رجال دين عرب، كانوا قد تعلموا النصرانية في المدارس، وأظهروا فهما ونباهة فيها، فعينوا مبشرين ومعلمين لتعليم العرب والأعراب أصول النصرانية، ولنشرها في جزيرة العرب، وكان من المبشرين من يتنقل مع الأعراب، لهم خيامهم، يرتحلون بها من مكان إلى مكان، فعرفوا لذلك برهبان الخيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>