للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مياه الشرب]

ولما كان الجفاف هو الغالب على طبع جزيرة العرب، لذلك قل الماء فيها، واضطر الناس إلى قطع المئات من الأميال للوصول إلى موضع ماء للتزود به. ولهذا صار عزيزًا عندهم ثمينًا، فقد تنقذ كمية قليلة منه حياة شخص. وتكثر الحاجة إليه بصورة خاصة في الصيف، حيث تكثر الحرارة، فيشتد العطش، ويضطر الإنسان إلى الإكثار من شرب الماء لكسر حدة ذلك العطش. ولذلك يقترب الناس في موسم الصيف من مواضع الماء، حتى إذا نفد ما عندهم منه، ذهبوا إلى أقرب ماء إليهم، للتزود به.

وألذ المياه عند العرب ماء الغيث. أي: ماء المطر، فإذا جادت السماء به، سال إلى المواضع المنخفضة وتجمع بها، فيأتي الأعراب إليها للاستقاء منها. ولهم أسماء ومصطلحات عديدة لأنواع المطر ولمواضع تساقطه، نظرًا لما لذلك من علاقة بحياتهم، ولما لهم من حاجة شديدة إلى الغيث.

والعيون والآبار والحسي، هي من المنابع الأخرى التي أمدت العرب بالماء والعين، هي ينبوع الماء الذي ينبع من الأرض. وقد تطلق على موضع تجمع مطر خمسة أو ستة أيام أو أكثر١. والبئر، هي القليب. قد تكون بئرًا عادية، وهي البئر القديمة التي لا يعلم لها حافر ولا مالك، وقد تكون بئرًا يعرف صاحبها وحافرها ومالكها. وقد كان الجاهليون يحفرون الآبار لأنفسهم للاستقاء منها وللزرع بمائها، كما كانوا يبيعون ماءها لغيرهم. وقد كانت لليهود آبار بالحجاز حصلوا منها على أموال بسبب بيع مائها للمحتاج إليه، وأما "الحسي"، فهي المواضع التي يظهر فيها الماء من جوف الأرض على وجه التربة. ومنها حسي المواضع التي يظهر فيها الماء من جوف الأرض على وجه التربة. ومنها حسي الأحساء وأحساء خرشاف، وأحساء "بني وهب" على خمسة أميال من المرتمى،


١ تاج العروس "٩/ ٢٨٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>