للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القراض]

وفي جملة وسائل تنمية المال وزيادته: القراض، وهو المضاربة في كلام أهل الحجاز، ويراد به تقديم مال إلى شخص يتجر به على ربح معين. وكان معروفًا بين أهل مكة، فكانوا يضاربون بأموالهم مساهمة منهم في الأرباح, ومنه حديث الزهري: "لا تصلح مقارضة من طُعمته الحرام". فكانوا يعطون المال مضاربة إلى شخص يتجر به، على جزء يأخذه من ربح المال١، وذلك كأن يعطي رب مال رجلًا مالًا يعمل فيه ويأذن له أن يشتري ما يشاء، وأن يبيع بالسعر الذي يشاء، ويدير هذا المال على يديه، وبعد إخراج رأس المال وما صرف على التجارة من أتعاب وأجور وضرائب، يوزع الربح نصفين، أو أثلاثًا: لرب المال الثلثان، وللعامل بحق عمله الثلث، أو حسب ما تعاقدا عليه٢. وقيل: القراض: أن يدفع إليه مالًا ليتجر به والربح بينهما على ما يشترطان, والوضيعة على المال٣.

وذكر أن المضاربة أن تعطي إنسانًا من مالك ما يتجر فيه على أن يكون الربح بينكما، أو يكون له سهم معلوم من الربح. والمضارب صاحب المال والذي يأخذ المال, كلاهما مضارب, ويقال للعامل: ضارب؛ لأنه هو الذي يضرب في الأرض. وجائز أن يكون كل واحد من رب المال ومن العامل يسمى مضاربًا؛ لأن كل واحد منهما يضارب صاحبه، وكذلك المقارض٤.

فنحن إذن أمام نوع من الاتجار بالمال، يقدم فيه صاحب المال مالا إلى شخص آخر ليعمل به رأس مال التجارة، على أن يكون الربح بينهما على نحو ما اتفقا عليه. وقد عرف بالقراض وبالمضاربة.

و"الوضيعة": الخسارة، وفي حديث "شريح" الوضيعة على المال والربح على ما اصطلحا عليه، يعني أن الخسارة من رأس المال٥؛ وذلك لاشتراط بعض الجاهليين أن القراض على جزء من الربح، على ألا يتحمل صاحب المال، أي: المقرض له, أية خسارة إذا خسرت التجارة, وعلى المقترض إرجاع المال كاملًا إلى المقرض.


١ اللسان "٧/ ٢١٧" "صادر", "قرض".
٢ نهاية الأرب "٩/ ١٩".
٣ تاج العروس "٥/ ٧٧"، "قرض".
٤ اللسان "١/ ٥٤٤"، "ضرب"، تاج العروس "١/ ٣٤٩"، "ضرب".
٥ تاج العروس "٥/ ٥٤٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>