للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القضاء والقدر]

ويسوقنا هذا الموضوع إلى البحث عن فكرة القضاء والقدر عند الجاهليين. فقد كان بين أهل الجاهلية من كان يقول بالجبر، وبأن الإنسان مسير لا مخير. وأن كل ما يقع له مكتوب عليه، ليس له دخل في حدوثه. ومن هؤلاء القائلون بالدهر والمنون والحمام وما شاكل ذلك من مصطلحات تشير إلى وجود هذا الرأي عندهم.

ولا يعني القول بالجبر، أن قائله من المتألهين القائلين بوجود خالق أوجد الكون، فقد كان من المجبرة من كان ملحدًا، لا يقول بخالق، وكان منهم من كان مشركًا. كما أن بينهم من كان يؤمن بوجود خالق أو جملة آلهة فليس لمذهب الجبر علاقة بالخالق، وإنما هو مذهب يري أن الإنسان مسير، وأنه يسير وفق ما كتب له، ومنهم من ينسبه إلى علة، هي الله أو الدهر، ومنهم من لا ينسبه إلى أحد وهو مذهب موجود في اليهودية وفي النصرانية وفي الإسلام.

ونجد هذه العقيدة في شعر الشاعر النصراني "عدي بن زيد العبادي"، وربما نجدها أيضًا عند سائر إخوانه النصارى ومن كان على هذا الدين من غيرهم من العرب. والواقع أن الاعتقاد بوجود إله خلق الكون منفردًا، أو آلهة خلقوا الكون مشتركين، يحمل الإنسان على أن يتصور نفسه أنه لا شيء تجاه خالقه أو آلهته وأنه من صنعهم، فما يقوم به، هو من صنع الله أو من صنع الآلهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>