للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المغلبون]

ومن الشعراء من كان لا يستطيع الوقوف أمام خصمه، فيغلب، فذكر أن "النابغة" الجعدي، كان مختلف الشعر مغلبا. وكانت العرب إذا قالت مغلبا فهو مغلوب، وإذا قالب غَلََبَ، فهو غالب، وقد غلبت عليه "ليلى الأخيلية" و"أوس بن مغراء" القريعي١. وذكروا أن "تميم بن أبي مقبل" وهو شاعر "خنذيذ" مغلَّب عليه النجاشي، ولم يكن إليه في الشعر، وقد قهره في الهجاء، ثم هاجى النجاشي عبد الرحمن بن حسان فغلبه عبد الرحمن، وكان "ابن مقبل جافيًا في الدين. وكان في الإسلام يبكي أهل الجاهلية ويذكرها، فقيل له تبكي أهل الجاهلية وأنت مسلم، فقال:

وما لي لا أبكي الديار وأهلها ... وقد زارها زوار عكٍّ وحميرا

وجاء قطا الأجباب من كل جانب ... فوقع في أعطاننا ثم طيرا٢

ومن المغلبين: الزبرقان، غلبه عمرو بن الأهتم، وغلبه المخبل السعدي، وغلبه الحطيئة، وقد أجاب الاثنين ولم يجب الحطيئة٣.

والهجاء فن، لا يستطيع كل شاعر أن يبرز فيه، لما يجب أن يكون في الشاعر من ذكاء وسرعة خاطر وقابلية على إسكات الخصوم. ولهذا كان يخشى جانب الهجاء فلا يتعرض له إلى من وهب قابلية على الهجاء. وإلا غلب على أمره، وصار من المغلبين٤، وهو من أهم أبواب الشعر عند الجاهليين، لما له من أثر في حياتهم، حيث يغض من منزلة المهجو.

وذكر أن الشعراء كانوا ينازعون بعضهم بعضًا على التقدم في الشعر، فذكر أن "امرأ القيس" نازع "الحارث بن التوأم" اليشكري، فقال: إن كنت


١ ابن سلام، طبقات "٢٦ وما بعدها"، العمدة "١/ ١٠٤".
٢ ابن سلام، طبقات "٣٤".
٣ العمدة "١/ ١٠٧".
٤ العمدة "١/ ١١١ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>