والمرأة في المحيط البدوي أنشط وأكثر عملًا من الرجال؛ فعليها تهيئة الطعام وحلب النياق وغسل الملابس وغزل الصوف والوبر، والعناية بالأطفال وتحضير مادة الوقود، إلى غير ذلك من أعمال لا يقوم بها الرجل، لأنها من عمل المرأة، ولا يليق بالرجل القيام بها.
ولم نقرأ في كتب أهل الأخبار ما يفيد سيادة النساء على القبائل، في الجاهلية القريبة من الإسلام. ولم نقرأ في المسند ما يفيد بوجود ملكات حكمن اليمن. بينما قرأنا في الكتابات الآشورية وجود ملكات عربيات حكمن قبائل عربية، كانت تنزل البوادي من بادية الشام. ووقفنا أيضا على حكم الملكة "الزباء" لتدمر وذلك بعد الميلاد. ولكننا نقرأ في أخبار أهل الأخبار أخبار كاهنات، كانت لهن مراكز خطيرة عند القبائل. وكذلك أخبار حاكمات حكمن فيما بين الناس في الخصومات. وقد كان منهن من يقرأ ويكتب كما سنرى فيما بعد.
وللمرأة الشريفة ذات السؤدد حظ في المجتمع لا يدانيه حظ المرأة الحرة الفقيرة. فسؤددها حماية لها ودرع يصونها من الغض من منزلتها ومكانتها. وأسرتها قوة لها، تمنع زوجها من إذلالها أو إلحاق أي أذى بها، وهي نفسها فخورة على غيرها لأنها من أسر كريمة موازية لها في المنزلة والشرف. ومن ذلك قولهم:"استنكح العقائل، إذا نكح النجيبات"١.