للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحمى]

وتفرد العزيز من أهل الجاهلية بالحمى لنفسه، كالذي كان يفعله "كليب بن وائل"، فإنه كان يوافي بكلب على نشاز من الأرض، ثم يستعديه ويحمي ما انتهى إليه عواؤه من كل الجهات، وتشارك الناس فيما عداه حتى كان ذلك سبب قتله١. والحمى، موضع فيه كلأ يحمى من الناس أن يرعى. وذكر أن الشريف من العرب في الجاهلية إذا نزل بلدًا في عشيرته استعوى كلبًا فحمى لخاصته مدى عواء الكلب، لا يشركه فيه غيره، فلم يرعه معه أحد، وكان شريك القوم في سائر المراتع حوله٢.

وقد نهى النبي أن يحمي على الناس حمى كما كانوا في الجاهلية يفعلون إلا ما يحمى لخيل المسلمين وركابهم التي ترصد للجهاد ويحمل عليها في سبيل الله، وابل الزكاة كما حمى عمر "النقيع" لنعم الصدقة والخيل المعدة في سبيل الله٣.

وكان الرسول قد حماه، وهو موضع على عشرين فرسخًا من المدينة، وقدره


١ قال العباس بن مرداس:
كما كان يبغيها كليب بظلمه ... من العز حتى طاح وهو قتيلها
على وائل إذ يترك الكلب نابحًا ... وإذ يمنع الأقناء منها حلولها
الأحكام السلطانية "١٨٦".
٢ تاج العروس "١٠/ ٩٩"، "حمى"، إرشاد السناري "٤/ ٢٠٦".
٣ تاج العروس "١٠/ ٩٩"، "حمى".

<<  <  ج: ص:  >  >>