للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الخامس والستون بعد المائة: الشعراء اليهود]

لا نعرف نصا جاهليا جاء فيه خبر عن شعر يهودي، وعن شاعر يهودي عاش في بلاد العرب. وكل ما ورد إلينا عن شعر يهود، مستقى من الموارد الإسلامية حسب. وكذلك لا نعرف مصدرا عبرانيا أو غير عبراني، تعرض الأمر شعر اليهود في جزيرة العرب. ولهذا فحديثي عن شعر يهود في أيام الجاهلية مستمد من الموارد الإسلامية وحدها.

ومن يلقِ نظرة على أشعار اليهود لا يجد فيها أي أثر لليهودية، ولا أية مصطلحات تشعر أن صاحبها يهودي. فلا نجد فيها شيئا من قصص التوراة أو التلمود أو المشنا أو "الكمارة" أو أي شيء له صلة بعقيدة يهودية. مع أننا قد وجدنا شيئا من قصص العهد القديم في شعر "أمية بن أبي الصلت"، وهو غير يهودي. فهل يعني هذا أن شعراء اليهود لم يكن لهم ميل إلى التحدث في أمور الدين، والنظر في أحكام الشريعة، وفي التفكير في خلق السماوات والأرض والإنسان وفي الموت والفناء، أو أنهم كانوا في جهل بها، وكان أمرها عندهم إلى رجال دينهم، هم يبحثون فيها، ولهذا لم يحملوا أنفسهم مشقة التعرض لها والبحث فيها، أو أنهم كانوا قد تطرقوا فعلا إلى هذه الأمور، وجاءوا في شعرهم بأشياء مما يختص بدينهم ويميزهم عن غيرهم، وتطرقوا إلى عاداتهم وأشادوا بذكر أنبيائهم، غير أن الرواة المسلمين لم يحفلوا بشعرهم لأنه شعر يهودي،

<<  <  ج: ص:  >  >>