لم تصل إلينا حتى الآن نصوص في أصول آداب السلوك بالنسبة للعلاقات الخارجية بين الدول، أي: علاقات ما بين حكومات الدول العربية والدول الأجنبية.
ولا نعرف لذلك طرق العرف السياسي الذي كان متبعًا عندهم في استقبال "الرسل" و"الوفود" الذين كانوا يفدون على قصور الملوك بأمر من ساداتهم ملوك الحكومات الأجنبية من أعاجم وعرب. ولكننا نستطيع أن نقول قياسًا على المألوف عند العرب، أنهم كانوا يبالغون في إكرامهم وفي ضيافتهم، وفقًا للتقاليد العربية ولظروفهم وإمكانياتهم المحلية. وكانوا يستمعون بإنصات إلى كلامهم، ثم يردون عليهم ردًّا جميلًا، إن حاز كلامهم موقعًا حسنًا في نفوس الملوك، وردًّا يناسب ما جاء في خطاب الرسل من تهديد أو وعد ووعيد، إن استعملوا التهديد والوعيد في خطبهم. ومتى عادوا أكرموا إكرامًا خاصًّا، ومنحوا ألطافًا وهدايا على الطريقة المتبعة في ذلك العهد، وقد يحملون أولئك الرسل هدايا خاصة لمن أوفدهم إليهم، يرفقونها بكتب جوابية في بعض الأحيان، أو برسائل شفوية تبلغ للرسل ليبلغوها هم لسانًا أو كتابة إلى موفديهم.
و"الوفد"، القوم القادمون للقاء العظماء، وجماعة مختارة للتقدم في لقاء العظماء. ويقال: وفده الأمير إلى الأمير الذي فوقه، أي: ورد رسولًا١. وقد كان سادات القبائل يرسلون وفودًا عنهم إلى الملوك أو إلى سادات قبائل أخرى في مهام مختلفة، مثل عهد حلف أو تفاوض أو تهديد بإعلان حرب أو لتهنئة أو لتعزية أو لبيعة وما شاكل ذلك من أمور. وقد أخذت الوفود تترى على الرسول بيثرب لما استحكم واشتد أمر الإسلام.
١ اللسان "٣/ ٤٦٤ وما بعدها"، "وفد"، تاج العروس "٢/ ٥٣٨ وما بعدها"، "وفد".