للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قوافل سبأ]

وقد أشير في التوراة إلى قوافل سبأ، وهي قوافل كانت تسير من العربية الجنوبية مخترقة العربية الغربية إلى فلسطين، فتبيع ما تحمله من سلع هناك. وقد كان السبئيون يسيطرون على العربية الغربية، حتى بلغت حدود مملكتهم أرض فلسطين. ولم تشر التوراة إلى وجود قوافل بحرية وسفن للسبئيين في البحر الأحمر، تتاجر مع فلسطين ومصر، ولم نعثر على كتابات بالمسند تشير إليها، لذلك، فليس في استطاعتنا التحدث عن التجارة البحرية للسبئيين مع بلاد الشأم.

سارت حكومة سبأ على سياسة التوسع التجاري، وهذا التوسع يقتضي السيطرة على الطرق، فبذلت جهدها لبسط سلطانها على الطرق والمسالك وجعلها تحت نفوذها وحكمها. وبعد استيلائها على بقية الحكومات العربية الجنوبية الأخرى وضعت الطرق الجنوبية المؤدية إلى أرض اللبان والمواد الأخرى التي اشتهرت بها العربية الجنوبية، وإلى الموانئ والمرافئ التي تتاجر مع إفريقية والهند وتستورد منها السلع النفيسة الثمينة تحت نفوذها وحكمها، وحسنتها وشقت طرقًا جديدة لأغراض حربية واقتصادية، وبلطت بعض مواضع منها لتقاوم السيول والأمطار، وأحكمت جوانبها وحصنتها بالحجارة الصلدة حتى تقاوم السيول التي تنحدر من المرتفعات على هذه الطرق فلا تلحق الأذى بها. ولا تزال آثار تلك الطرق باقية، وقد كتب عنها السياح.

واتجهت نحو السيطرة على الطرق البرية المؤدية إلى بلاد الشأم. ولهذه الطرق أهمية كبيرة بالنسبة إلى اليمن والعربية الجنوبية. وهي طرق موازية للطريق البحرية الممتدة في البحر الأحمر، ولها شأن خطير في التجارة العالمية. وقد أسست مواضع حراسة، لحراسة القوافل من قطاع الطرق ومن تحرش القبائل بها، ولعل أهل يثرب الذين يرجعون نسبهم إلى اليمن، هو من الرجال الذين غرسهم السبئيون في هذا المكان لحماية قوافلهم التي تذهب إلى بلاد الشأم.

ووجه السبئيون أنظارهم نحو العراق وموانئ الخليج العربي كذلك، فاستخدموا الطريق الممتدة من نجران إلى "السليل" ومن هناك إلى الخليج والعراق١.


١ Rhodokanakis, Altsab. Texte., S. ٩, W. H. Irvine Shakespear, In The Geogr. Journal, Lix., No. ٥, “١٩٢٢”, P.٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>