وأعني بها الحرف التي تهيئ الأكل للإنسان من تقديم أكل وشراب وما يتعلق بهما من أعمال مساعدة في تهيئة ذلك, فيدخل فيها طحن الحبوب والطبخ والخبز والأواني التي يوضع فيها الطعام وما شابه ذلك من أمور.
ولا بد للإنسان من سحق الحبوب وطحنها؛ ليكون في إمكانه أكلها والاستفادة منها. لذلك فقد يدقها دقا بين حجرين أو بآلات صلبة، ثم يلهم الحبوب المدقوقة لهمًا أو يحمصها على النار أو يمزجها بمادة أخرى؛ لتكون طيبة المذاق, مستساغة في الطعم. وقد يطحنها طحنًا، أي: يحولها إلى دقيق بواسطة الرحى، وهي حجران من حيث الأساس, أحدهما ثابت وهو الأسفل، والآخر متحرك وهو الحجر الأعلى وهو أصغر قليلًا من الحجر الأسفل، به فتحة توضع الحبوب بها فتنزل منها إلى سطح الحجر الثاني، فتقع بواسطة حركة الحجر الأعلى بين الحجرين وتداس فتسحق، وبواسطة استمرار الحركة وثقل الحجر الأعلى تتحول الحبوب إلى طحين يخرج من بين الحجرين إلى الخارج, حيث يسقط في حفرة أمامية عملت لتجميع الطحين بها، وذلك فيما إذا كان الحجر الأسفل مبنيًّا على قاعدة، أما إذا كان متحركًا فيسقط الطحين على أطراف الرحى على قماش أو أي شيء يوضع تحت الحجر الثاني، ثم يجمع الطحين.
وهذا النوع من الرحى هو من النوع المحسن الذي يمثل تقدمًا في صناعة طحن الحبوب. وقد عثر على نوع هو أبسط من الرحى المتقدمة، فهو عبارة عن حجر مائل نوعًا ما، أحد طرفيه مرتفع عن الطرف الآخر، يوضع الحب عليه ثم يسحق بحجر أسطواني الشكل في الغالب, يمسك بالأيدي من مقبض نحت منه على كل طرف من طرفيه, ثم يحرك على الحبوب لسحقها، وقد يقبض بطرفي الحجر ثم يحرك نحو الأسفل فالأعلى حتى تسحق تلك الحبوب وتتحول إلى طحين.