وموضوع أفصح العرب موضوع لا أرى أنه قد كان لأهل الجاهلية علم به، إذ كان لكل قوم منهم لسان يستعزون به ويتعصبون له، يرون أنه لسانهم العزيز.
ولا يكون فصاحة إلا إذا كان هنالك لسان أدب رفيع، يكوّنه رجال الأدب من ناثرين وشعراء، يكون لسانًا مقررًا محترمًا يتبعه الجميع، تعقده وحدة شاملة وشعور بوجود أواصر دم وتأريخ واحد وثقافة واحدة، وقلم يكتب به، فإذا اجتمعت كل هذه وأمثالها وأضيفت إليها وجود حكومة كبيرة تتخذ ذلك اللسان لسانًا عامًّا لها، ثم تقوم بتشجيع الأدباء والعلماء وتحسن إليهم، صار ذلك اللسان اللسان المحظوظ المأثور المقدم على سائر الألسنة، وصارت اللهجات الأخرى،