أعرابًا". "والعربية هي هذه اللغة". "والعرب: هذا الجيل"١.
أما لو سألتني رأيي في هذه الخطب التي دوّنها أهل السير والتواريخ والأخبار للوفود التي وفدت على الرسول لمبايعته، أو عن حديث الصحابة معه قبل الهجرة أو بعدها، فأقول لك بكل صراحة، إن هذه النصوص: نصوص كلام الرسول مع الصحابة، ونصوص كلام الصحابة معه، هي نصوص وردت إلينا بأفواه الرواة، كلامها كلامهم، وعباراتها عباراتهم، أما المعاني -أي: المضامين- فهي التي أخذت بالرواية، وفي بعضها زيادات أو نقصان، ظهرت بسبب طبيعة الاعتماد على الذاكرة لا الكتابة والتدوين. فنحن إذن أمام نصوص، لا يمكن أن نقول: إنها أصيلة؛ لأنها لم تؤخذ من محاضر جلسات، ولا من كتّاب كانوا يكتبون كل ما كان يقع ويحدث، وينقلون الكلام نقلًا أمينًا صادقًا، كما ينقل الشريط المسجل للأصوات، أصوات المتكلمين، وإنما رويت بعد الحادث بأمد، قد يكون قصيرًا وقد يكون طويلًا، وبعضها أحاديث شخصية، ليست مهمة، وقد تكون من الموضوعات، ولا غرابة في ذلك فكتب التراجم والحديث والسير، مليئة بتكذيب كثير من هذه الأمور، التي افتعلت، إما من الرواة أنفسهم، وإما من آلهم، وإما عصبية، أو عن مذهب وعقيدة.