للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشذوذ الجنسي]

والشذوذ الجنسي معروف عند الجاهليين أيضًا كما هو عند جميع الأمم منذ القدم، وليس من المعقول استثناء الجاهليين من ذلك، بدليل ورود النهي عنه والتحذير منه في القرآن الكريم وفي الحديث. ومن الشذوذ الجنسي، الشذوذ المعروف، وهو ذهاب الرجل مع الرجل ومزاولته عمل الجنس معه، أو اتصال المرأة بالمرأة اتصالًا جنسيًّا، أوإتيان الرجل المرأة من دبر، كما كان الحال عند أهل مكة فقد ذكر أن منهم من كان يأتي النساء من أدبارهن، وقد منع ذلك في الإسلام١. وقد عرف إتيان المرأة في دبرها بـ"التحميض" ويقال للتفخيذ في الجماع "التحميض" أيضًا٢. وذكروا في تفسير الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} ٣: "إنما كان هذا الحي من الأنصار، وهم أهل وثن، مع هذا الحي من يهود، وهم أهل كتاب، وكانوا يرون لهم فضلًا عليهم في العلم، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم، وكان من أمر أهل الكتاب ألا يأتوا النساء إلا على حرف، وذلك أستر ما تكون المرأة، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحًا منكرًا، ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات. فلما قدم المهاجرون المدينة، تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار، فذهب يصنع بها ذلك، فأنكرته عليه، وقالت: إنما كنا نؤتى على حرف! فاصنع ذلك، وإلا فاجتنبني، حتى شرى أمرهما فبلغ ذلك النبي، صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ، أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات، يعني بذلك موضع الولد٤. وذكر أن


١ تفسير الطبري "٢/ ٢٣٠ وما بعدها"، القرطبي الجامع لأحكام القرآن "٣/ ٩١"، في تفسير الآية، {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ، الآية ٢٢٣ من سورة البقرة.
٢ تاج العروس "٥/ ٢٣"، "حمض".
٣ سورة البقرة، الآية ٢٢٣.
٤ تفسير تفسر الطبري "٢/ ٢٣٤"، القرطبي، الجامع "٣/ ٩٢ وما بعدها"، تاج العروس "١٠/ ٦٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>