للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل مكة كانوا يجبون النساء، وكانت الأنصار لا تجبي وتنكر فعل ذلك، وإنما يؤتين على جنوبهن. فوقع خلاف بين أهل مكة ممن تزوج من أهل المدينة وبين من تزوجوا في كيفية إتيانهن، فنزلت الآية في شرح ذلك، وأنه يكون على أي شكل كان، ما دام في وضع الحرث. والإجباء: أن تكون المرأة منكبة على وجهها كهيئة السجود، فيأتيها الرجل على هذه الهيئة. وذكر أن يهود يثرب، كانت تقول: إذا نكح الرجل امرأته مجببة جاء الولد أحول١.

وتستعمل لفظة "اللواطة" للتعبير عن إتيان الذكران في أدبارهم٢ وأرى أن هذا المعنى إنما وقع في الإسلام. أخذ مما جاء في القرآن الكريم عن عمل قوم لوط: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} ٣، {وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ، أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} ٤. {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} ٥، فنسب فعل إتيان الرجال بعضهم بعضًا إلى قوم "لوط"، واشتق الفعل من اسمه. ونرى أن الآيات قد استعملت: "لتأتون الرجال"، للتعبير عن هذا الفعل. واستعمل المفسرون هذا التعبير وتعبير "المجامعة" للتعبير عنه. وقد استعمل الجاهليون "لاط" في معانٍ أخرى لا صلة لها بالمعنى المذكور. وفي ذلك دلالة واضحة على أن استعمال "اللِّواط" إنما وقع في الإسلام. والمأبون الذي تفعل به الفاحشة، وهي الأبنة٦. ومن المجاز برقع لحيته، أي صار مأبونًا، تزيا بزي من لبس البرقع، ومنه قول الشاعر:

ألم تر قيسًا قيس عيلان برقعت ... لحاها وباعت نبلها بالمغازل٧


١ تاج العروس "١٠/ ٦٦"، "جبى".
٢ تفسير الطبري "٢٠/ ١".
٣ العنكبوت، الآية ٢٨ وما بعدها.
٤ النمل، الآية ٥٤.
٥ الأعراف الآية٨٠ وما بعدها، تفسير الطبري "٨/ ١٦٤ وما بعدها".
٦ تاج العروس "٩/ ١١٦"، "ابن".
٧ تاج العروس "٥/ ٢٧٤"، "برقع".

<<  <  ج: ص:  >  >>