للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الخامس والخمسون بعد المئة: الشعر المصنوع]

...

الفَصْلُ الخامِسُ والخمسونَ بَعْدَ المائةِ: الشِّعْرُ المصنُوعُ

ليس البحث في معرفة المصنوع من الشعر، وفي أسباب وضعه، من البحوث الجديدة، التي أوجدها المستشرقون، أو من أخذ عنهم من الباحثين المحدثين، بل هو بحث قديم، أتقنه أهل الجاهلية، وأخذه عنهم أهل الإسلام. وفي هذا المعنى قال الشاعر الشهير الحطيئة: "ويل للشعر من الرواة السوء"١. فرواة الشعر، آفة بالنسبة للشعر وللشعراء، قد يزيدون فيه، وقد ينقصون، وقد يصحفون، وقد يفتعلون ويصنعون الشعر على ألسنة غيرهم، ولو لم يكن هذا المرض معروفًا في أيام الحُطَيئَة وقبلها لما ورد هذا القول عنه.

ومعنى انتحله وتنحله ادَّعاه لنفسه، وهو لغيره. يقال: انتحل فلان شعر فلان أو قوله ادعاه أنه قائله، وتنحله ادعاه وهو لغيره. قال الأعشى:

فكيف أنا وانتحال القوا ... في بعد المشيب كفى ذاك عارا

وقيدني الشعر في بيته ... كما قيد الأسرات الحمارا

"ويقال نحل الشاعر قصيدة، إذا نسبت إليه وهي من قبل غيره. ومنه حديث قتادة بن النعمان: كان بشير بن أبيرق يقول الشعر ويهجو به أصحاب


١ الشِّعْرُ والشُّعَرَاءُ "١/ ٢٣٩"، "دار الثقافة، بيروت".

<<  <  ج: ص:  >  >>