[الفصل الرابع والأربعون: مجمل الحالة السياسية في جزيرة العرب عند ظهور الإسلام]
استعرضنا في الفصول المتقدمة من هذا الكتاب حالة العرب السياسية قبل الإسلام, على قدر ما أدى إليه بحثنا، وساعفتنا عليه الموارد. أما في هذا الفصل وهو خاتمة فصول القسم السياسي، فنستعرض حالة العرب السياسية في القرن السادس للميلاد بوجه عام.
والقرن السادس للميلاد فترة من الفترات المهمة في تأريخ البشرية، فيه ظهرت أمارات الشيخوخة على الإمبراطورية الساسانية التي شيدها "أردشير الأول" على أثر الثورة التي اندلعت عام "٢٢٤م" أو "٢٢٦م"، ثم لم تلبث أن انهارت في القرن السابع للميلاد بسرعة عجيبة، وبأيدٍ لم يحسب لوجودها حساب، ومن مكان لم يكن له قبل ظهور الإسلام أثر ما فعال في السياسة العالمية. وفي هذا القرن أيضًا برزت الأمراض العديدة التي ألمت بالقيصرية، والأملاك التي كانت خاضعة لها، وهي أمراض لم تنجُ منها إلا ببتر بعض أطرافها في القرن التالي له, فخرجت من ردهة العمليات تئن من فاجعة الألم الذي حل بها، ومن هول ما أصيب به بذلك البتر.
وفي النصف الثاني من هذا القرن وُلِدَ الرسول، وبميلاد الرسول ظهر حدث تأريخي خطير للبشرية في النصف الأول من القرن السابع للميلاد، يكفي أن أثره