للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحمى]

ولسيد القبيلة حق "الحمى"، وهو من أمارات عزه وشرفه وسيادته. فكان إذا مرَّ سيد قبيلة برمضة أعجبته، أو بغدير أعجبه، أعلن حمايته عليها أو عليه إلى حد يعينه ويثبته، فلا يقترب أحد من ذلك الحد، وهو في ذلك مثل الملوك في هذا الحق. ولهذا لم يتمتع بهذا الحق إلا سادات القبائل الكبار أصحاب العز والجاه وكثرة العدد، مثل "كليب وائل" سيد ربيعة، وكانت رئاسة مضر وربيعة له في أيامه، وكان من عزه أنه إذا مر بمكان أعجبه كنع كليبًا له ثم رمى به هناك، فلا يسمع عواء ذلك الكليب أحد، فيقرب ذلك الموضع. فكان يقال: "أعز من كليب وائل"١.

وقد تفرد العزيز من سادات القبائل بالحمى، وعدّوه من أمارات العز والمنعة، فلا يناله إلا كبار سادات القبائل، وذكر أن "كليب وائل" كان متغطرسًا، حتى كانت غطرسته هذه سبب قتله. وإلى ظلمه وتعسفه، وأخذه الحمى، أشار "العباس بن مرداس" بقوله:

كما كان يبغيها كليب بظلمه ... من العز حتى طاح وهو قتيلها

على وائلٍ إذ يترك الكلب نابحًا ... وإذ يمنع الأقناء منها حلولها٢


١ الفاخر "ص٧٥ وما بعدها"، الاشتقاق "ص٢٠٤".
٢ الأحكام السلطانية "ص١٨٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>