للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل السادس والخمسون: في الفقه الجاهلي]

[مدخل]

...

[الفصل السادس والخمسون: في الفقه الجاهلي]

عرفت "مدوّنة جوستنيان" Institutes De Justinien "الفقه" بأنه "معرفة الأمور الإلهية والأمور البشرية، والعلم بما هو حق شرعًا وبما هو غير حق"١.

و"الفقه" في اصطلاح المسلمين هو: استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، أو التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد، أو العلم بأحكام الشريعة٢، وهو اصطلاح ظهر بالطبع في الإسلام. أما بالنسبة إلى الجاهليين فإننا لا نستطيع أن نأتي بتحديد علمي ثابت له، لعدم وصول شيء منهم في هذا المعنى إلينا. وقد وردت اللفظة لغة بمعنى العلم والتبحر في الشيء والإحاطة به. ووردت في سورة التوبة كلمة ليتفقهوا {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} ٣. ومن هذا المعنى جاءت لفظة "الفقه" في الإسلام.

وأنا أقصد بمصطلح "الفقه" هنا الأحكام التي نظمت العلاقات بين الجاهليين، وبيّنت الحلال في عرفهم من الحرام. وأقصد بالحلال كل مباح أباحه أهل الجاهلية لأنفسهم، وبالحرام كل ما حرموه عليها. فللجاهليين شرائعهم الخاصة بهم. وأنا هنا أريد أن أبحث عن شرائعهم التي ثبتت الأحكام بحسب اجتهادهم


١ مدونة جوستينان في الفقه الروماني، تعريب عبد العزيز فهمي، دار الكاتب المصري القاهرة ١٩٤٦ "ص٥".
٢ المفردات، للراغب الأصفهاني "ص٣٩١".
٣ التوبة، الآية ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>