للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد مناف بن عبد الدار بن قصي" بـ"الرهين"، "وإنما لقب به؛ لأنه كان رهينة قريش عند أبي يكسوم الحبشي، وولده النضر بن الحارث بن مسلمة الفتح. وأخوه النضر بن الحارث قتله عليّ، رضي الله تعالى عنه، بالصفراء بعد رجوعهم من بدر بأمر من النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، وبنته قتيلة رثت أباها بالأبيات القافية، وليس فيها ما يدل على إسلامها"١.

وللطيرة أثر كبير في نظر الجاهليين في كسب الحرب وخسرانها، فقد رسخ في عقولهم أن لها تأثيرًا مباشرًا في الغزو والحروب، وأن كلمة طيبة تسمع ساعة الاستعداد للغزو، أو عطسة يعطسها إنسان، أو نعيب غراب ينعب ساعة الهجوم أو ما شاكل ذلك من علامات يتفاءل أو يتشاءم منها، تؤثر في مصير الغزو وتتحدث للغازين عن مصير ما سيقومون به. لذلك فقد كانوا ربما نبذوا الغزو إذا ظهر أمامهم ما يتطير منه، وكانوا ربما أسرعوا بالهجوم إن ظهر أمامهم ما يفسرونه بأنه يمن وتفاؤل وحث على الإقدام في العمل. ولم يكن هذا الاعتقاد من عقائد العرب وحدهم، فقد كانت الشعوب الأخرى تتطير كذلك. وتحسب للطيرة حسابًا عند شروعها بحرب. ونجد في الكتب القديمة قصصًا عن الطيرة وأثرها في الحروب عند اليونان والرومان والفراعنة والفرس.

ورسخ في عقول أهل الجاهلية أن في وسع الكهنة التنبؤ عن نتائج الغزو أو الحروب، لما للكهنة من اتصال بالأرباب وبالأرواح المخبرة عن المغيبات وعما سيقع في المستقبل. فكانوا لذلك يسألونهم في كثير من الأحايين عن رأيهم في غزو يريدون القيام به قبل الشروع به، حتى إذا باركه الكاهن قاموا به، وإلا تركوه٢. ونجد في كتب الأدب وأهل الأخبار أخبارًا ترجع سبب هزيمة قوم أو سبب انتصارهم إلى مخالفة أولئك القوم لرأي كاهنهم، فكانت الهزيمة، وإلى العمل برأيه، فوقع من ثَمَّ لهم النصر؛ لأن للكهنة علم بالمغيبات.


١ تاج العروس "٩/ ٢٢٢"، "رهن".
٢ الدينوري، عيون الأخبار "١/ ١٤٤"، "كتاب الحرب"، "في الطيرة والفأل".

<<  <  ج: ص:  >  >>