للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك منازع، إن ثبت أنه هو القاتل١.

والحروب من أهم الموارد الممونة للرقيق عند الشعوب القديمة، وفي جملتهم الجاهليين. فقد كان المنتصر يتخذ من يقع في يده رقيقًا له، وإذا لم يمنّ عليه بالعفو، أو لم يتمكن المأسور من دفع فدية عن نفسه، صار عبدًا مملوكًا لمن وقع في يده، إن شاء باعه، وإن شاء احتفظ به رقيقًا، يخدمه ما دام عبدًا.

وقد عمد المحاربون إلى إحراق المغلوبين في بعض الأحيان. فقد جمع المنذر بن امرئ القيس أسرى في الحظائر ليحرقهم، فسمي أبا حوط الحظائر٢.

وقد عرف بعض ملوك الحيرة بحرق من وقع في أيديهم من المغلوبين، أو بحرق مواضعهم وهم فيها؛ لذلك عرفوا بـ"محرق". وعقوبة الحرق من العقوبات المعروفة عند الأمم القديمة مثل: الرومان والعبرانيين، ينزلونها في المحاربين جزاءً لهم، وإخافة لغيرهم ودعاية لهم، حتى لا يتجاسر أحد فيعلن الثورة على المحرقين، فيحل عندئذ بهم عذاب التحريق٣.

وكان بعض الأشخاص يقومون بالغارات بمفردهم أو بجمع من الناس، فيفاجئون الناس الآمنين أو رجال القوافل، ومن هؤلاء. شراحيل بن الأصهب، وكان كما يقول أهل الأخبار: أبعد العرب غارةً، كان يغزو من حضرموت إلى البلقاء في مائة فارس من بني أبيه، فقتله بنو جعدة. وكان قد أزعج قبائل معد وغيرها كما يظهر ذلك من شعر نابغة بني جعدة:

أرحنا معدًّا من شراحيل بعدما ... أراها مع السبح الكواكب مظهرا

وعلقمة الحراب أدرك ركضنا ... بذي الرمث إذا صام النهار وهجرا٤

وقد يعمد المنتصر إلى أخذ رهائن من المغلوب لتكون رهنًا لديه بالطاعة والخضوع. فإذا خاس بعهده، تعرضت الرهينة للتهلكة. وتؤخذ الرهائن في أيام السلم أيضًا. يأخذها الملوك ممن يخشونهم ومن السادات لتكون ضمانًا لديهم بالطاعة وبعدم مسهم بمصالحهم. وقد عرف "الحارث بن علقمة بن كلدة بن


١ صحيح مسلم "٥/ ١٤٩ وما بعدها".
٢ المعارف "ص٤٢".
٣ Beeton, Dictionary Of Religion, Philosophy And Law, P.١٠٨
٤ العقد الفريد "٣/ ٣٩٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>