للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخلابة]

ومن البيوع الفاسدة الخلابة. وتقوم على المخادعة، والخلابة: المخادعة. وفي الحديث: "إن بيع المحفلات خلابة، ولا تحل خلابة مسلم", والمحفلات: التي جمع لبنها في ضرعها. وفي حديث النبي، أنه قال لرجل كان يخدع في بيعه: "إذا بايعتَ، فقل: لا خلابة", أي: لا خداع١؛ وذلك لأن بعض الباعة كانوا يخادعون المشتري في بيوعهم.

ومن بيوع أهل الجاهلية: بيع المواصفة، وهو أن تواصف الرجل بالسلعة ليست عندك. وقد أبطل هذا البيع بعض الفقهاء، وأجازه بعض آخر، إذا وافقت السلعة الصفة٢.

وقد يتفق في السلعة الرهط، فلا يجدون بدًّا من أن يشتركوا وهم كارهون. وربما اتفقوا فألقوا الحجارة جميعًا إذا كانوا عددا على أمر بينهم فوكسوا صاحب السلعة إذا طابقوا عليه٣.

ومن بيوع أهل الجاهلية بيعهم الذهب بالذهب, والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح, وقد نهي عنه في الإسلام، إلا سواء بسواء، أي: إلا متساويين، ويدًا بيد. ويسمى هذا البيع "مراطلة" إن كان بالوزن، ومبادلة إن كان بالعدد٤. وأما بيع الذهب بالفضة، والفضة بالذهب، فقد أبيح ذلك في الإسلام كيف شاء المتبايعون، بتفاضل أو بتساوٍ، لأن بيع الذهب بالفضة والعكس يسمى "صرفًا" ويجوز فيه التفاضل، لكن يشترط فيه التقابض يدًا بيد٥.

ويظهر من منع الإسلام لبيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا أن يكونا متساويين ويدًا بيد، أي: مقبوضين، أن أهل الجاهلية كانوا يبيعون الذهب بذهب


١ اللسان "١/ ٣٦٣"، "خلب".
٢ تاج العروس "٥/ ٣٩"، "روض".
٣ المحبر "٢٦٤". "أسواق العرب المشهورة في الجاهلية ومبايعتهم فيها".
٤ قال ابن عاصم في تحفة الحكام:
والجنس بالجنس هو المراطلة ... بالوزن أو بالعد فالمبادلة
٥ زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم "٥/ ٤٧٠ وما بعدها"، "القاهرة ١٩٥٦م".

<<  <  ج: ص:  >  >>