للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التثاؤب والعطاس]

ويدخل في الطيرة بعض ما يصدر من الإنسان والحيوان من حركات، مثل التثاؤب والعطاس، والتثاؤب عمل من أعماله الشيطان. وأما العطاس، فقد كان أثره في إيجاد الشؤم شديدا، وهو من العادات الجاهلية المذكورة في الشعر المنسوب إلى الجاهليين. ذكر أن امرأ القيس قال:

وقد اغتدي قبل العطاس بهيكل ... شديد منيع الجنب نعم المنطق

وإنه أراد بذلك إنه كان يتنبه للصيد قبل أن ينتبه الناس من نومهم، لئلا يسمع عطاسا فيتشاءم بعطاسه١.

وقيل إن العرب كانت تتطير منه، فإذا عطس العاطس، قالوا: قد ألجمه، كأنها قد تلجمه عن حاجته٢.

ويقال الكدسة لعطسة البهائم. وقد تقال لعطسة الإنسان. والكادس ما يتطير به من الفال والعطاس وغيرهما. وقيل الكادس: القعيد من الظباء، وهو الذي يجئ من خلفك، ويتشاءم به، كما يتشاءم بالبارح٣.

والعطاس فضلا عن ذلك دواء في نظر أهل الجاهلية، لذلك كانوا يتجنبونه بقدر إمكانهم، ويحاولون جهدهم حبسه وكتمه. فإذا عطس أحدهم وكان وضيعا مغمورا أسمعوه كلاما مرا فيه رد للشؤم على صاحب العطاس، كأن يقولوا له: "وريا وقحابا". والوري هو داء يصيب الكبد فيفسدها، والقحاب هو السعال، أو: "بك لا بي: أسأل الله أن يجعل شؤم عطاسك بك لا بي". أما إذا كان العاطس معروفا محبوبا شريفا، قالوا له: "عمرا وشبابا". وكلما كانت العطسة شديدة كان التشاؤم منها أشد٤. ويقال للدعاء على العاطس "التشميت" و"التسميت"٥.


١ العمدة "٢/ ٢٦٠"، إرشاد الساري "٩/ ١٢٥ وما بعدها".
٢ المعاني الكبير "٣/ ١١٨٥"ز
٣ تاج العروس "٤/ ٢٣٠"، "كدس".
٤ المعاني الكبير "٢/ ١٠١٥"، بلوغ الأرب "٢/ ٣٣٢".
٥ اللسان "٢/ ٣٥٧"، تاج العروس "١/ ٥٥٩". "شمت".

<<  <  ج: ص:  >  >>