للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الإسلام، ما خلا البادية؛ وذلك بسبب إقبالهم على التزوج بالفارسيات والروميات وبغيرهن على ما يظهر، بسبب الفتوح وتوسع أسواق النخاسة في هذا الوقت, وارتفاع مستوى الوضع الاقتصادي للعرب في الإسلام عنه في الجاهلية؛ مما مكنهم من التزوج بالأجنبيات البيض الجميلات وتفضيلهن على السودانيات. وظهور نظرة الازدراء إلى السودان في الإسلام؛ بسبب الأعاجم المسلمين الذين كانوا يزدرون العبيد وينظرون إليهم على أنهم دونهم في المنزلة، فانتقلت هذه النظرة منهم إلى العرب.

ويظهر من رسالة الجاحظ: "فخر السودان على البيضان"، أن نزاعًا كان قد دبَّ بين السودان والعرب في الإسلام؛ بسبب نظرة الازدراء التي أخذ الفاتحون ينظرون بها إليهم, فصاروا يترفعون عنهم ولا يخالطونهم، وهذا مما أغاظهم، وحملهم على نبش الماضي، والإتيان بالأخبار وبالأشعار عن دور الحبش في جزيرة العرب قبل الإسلام، وكيف أنهم كانوا قد ملكوا "بلاد العرب من لدن الحبشة إلى مكة"١، وهزموا ذا نواس، وقتلوا أقيال حمير، فملكوا العرب ولم يملكهم العرب٢, إلى غير ذلك من دعاوٍ تجدها في قصيدة الشاعر الزنجي "الحيقطان", التي يفتخر فيها بالحبش على العرب, على نحو فخر الشعوبية بأصولهم على العرب. وهي قصيدة شهيرة، قالها يوم سمع "جرير" يسخر منه بشعر قاله في وصفه, فرد عليه ردًّا شديدًا بقصيدته هذه التي نظمها وهو باليمامة٣.

وقد عُرفت بعض القبائل ببياض بشرتها، واشتهرت نساؤها ببياض البشرة، ورد "في الحديث: أنه لما خرج من مكة قال له رجل: إن كنت تريد النساء البيض والنوق الأدم, فعليك ببني مدلج"٤. ويقال للمرأة التي يغلب على لونها البياض: "الحمراء"، وقد لقب الرسول زوجته "عائشة" بـ"الحميراء"؛ لبياض لونها.


١ رسائل الجاحظ "١/ ١٩٣ وما بعدها".
٢ المصدر نفسه.
٣ رسائل الجاحظ "١/ ١٨٠، ١٨٢ وما بعدها".
٤ تاج العروس "٨/ ١٨١ وما بعدها"، "أدم".

<<  <  ج: ص:  >  >>