للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وكان ولد عبد المطلب العشرة السادة دُلمًا ضخمًا، نظر إليهم عامر بن الطفيل يطوفون كأنهم جمال جون، فقال: بهؤلاء تمنع السدانة.

وكان عبد الله بن عباس أدلم ضخمًا، وآل أبي طالب أشرف الخلق، وهم سود وأدم ودلم"١.

واشتهر بعض سودان العرب بالشجاعة والإقدام، منهم أربعة عرفوا بـ"أغربة العرب" وذؤبان العرب, منهم: عنتر وخفاف بن ندبة السلمي، سار فيه السواد من قبل أمه، وهو من حرة بني سليم، أدرك النبي، وكان شاعرًا شجاعًا، وقل ما يجتمع الشعر والشجاعة في واحد. ومنهم السليك بن السلكة٢.

وهناك قبائل غلب على لونها السواد، حتى عبر عنها بـ"دلم", والدلم: الرجل الشديد السواد٣. جاء إليها السواد؛ لكون أصلها من إفريقيا على ما يظهر، وكانت قد استقرت بجزيرة العرب وتعربت، حتى عدت من العرب, أما الأسر والأفراد الدلم، فقد ظهر السواد على لونهم بالتزاوج من الملونين. فقد كان من عادة الأشراف الاتصال بالإماء السود، فإذا ولدن منهم أولادًا نجبًا شجعانًا ألحقهم آباؤهم بهم، ونسبوهم إليهم كالذي كان من أمر عنترة العبسي، وقد مال قوم من قريش إلى التزوج بالإماء السود، وقد ظهرت هذه النزعة بين السادات والأشراف.

وقد ذكر "الجاحظ" في معرض حجج السودان على البيضان، وعلى لسان الزنج قولهم للعرب: "من جهلكم أنكم رأيتمونا لكم أكفاء في الجاهلية في نسائكم، فلما جاء عدل الإسلام رأيتم ذلك فاسدًا, وما بنا الرغبة عنكم، مع أن البادية منا ملأى ممن قد تزوج ورأس وساد، ومنع الذمار، وكَنَفَكم من العدو"٤. وفي هذا القول إشارة إلى التزاوج الذي كان بين العرب والزنج, أي: السودان المجلوبين من إفريقيا، في أيام الجاهلية، وإلى انصراف العرب عنه


١ فخر السودان، للجاحظ "١/ ٢٠٧ وما بعدها"، من "رسائل الجاحظ"، تحقيق "عبد السلام هارون".
٢ الثعالبي، ثمار "١٥٩ وما بعدها".
٣ تاج العروس "٨/ ٢٩٢", "دلم".
٤ من رسائل الجاحظ "١/ ١٩٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>