للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلًا لئيمًا لا يبض حجره، وقد يراد به رجل قصير متردد الخلق, فهو من الأضداد؛ لذلك فالجعد في صفات الرجال يكون مدحًا وذمًّا. وإذا قالوا: رجل جعد السبوطة فمدح، إلا أن يكون قططًا مفلفل الشعر فهو حينئذ ذم١.

ومن المجاز قول العرب: الأعداء صهب السبال وسود الأكباد، وإن لم يكونوا كذلك، أي صهب السبال، فكذلك يقال لهم. ورد في الشعر:

جاءوا يجرون الحديث جرًّا ... صهب السبال يبتغون الشرَّا

وإنما يريدون أن عداوتهم كعداوة الروم, والروم صهب السبال والشعر، وإلا فهم عرب وألوانهم الأدمة والسمرة والسواد٢.

ويذكر علماء اللغة أن العرب تصف ألوانها بالسواد، وتصف ألوان العجم بالحمرة, وقد افتخر الشعراء بذلك في الجاهلية وفي الإسلام. من ذلك قول الفضل بن عباس بن عتبة اللهبي:

وأنا الأخضر من يعرفني ... أخضر الجلدة في بيت العرب

يقول: أنا خالص؛ لأن ألوان العرب السمرة. ومن ذلك قول مسكين الدارمي:

أنا مسكين لمن يعرفني ... لوني السمرة ألوان العرب٣

قال "الجاحظ": "والعرب تفخر بسواد اللون ... وقد فخرت خُضر محارب بأنها سود، والسود عند العرب الخضر". ثم ذكر أمثلة من أمثلة افتخار بعض القبائل والأشخاص بكونهم "خضرًا", حتى قال: "وخضر غسان بنو جفنة الملوك, قال الغساني:

إن الخضارمة الخضر الذين ودوا ... أهل البريص ثمانى منهم الحكم

وقد ذكر حسان أو غيره الخضر من بني عكيم، حين قال:

ولست من بني هاشم في بيت مكرمة ... ولا بني جمح الخضر الجلاعيد


١ تاج العروس "٢/ ٣٢٠ وما بعدها", "جعد".
٢ تاج العروس "١/ ٣٤٢"، "صهب".
٣ تاج العروس "٣/ ١٧٩ وما بعدها"، "خضر"، رسائل الجاحظ، كتاب فخر السودان على البيضان "١/ ٢٠٧"، "تحقيق عبد السلام هارون".

<<  <  ج: ص:  >  >>