للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إن من ظلم بظلامة، فلا يحل له أن ينال ممن ظلمه أكثر مما نال الظالم منه"١. وأن الله يقول للمؤمنين: "وإن عاقبتم أيها المؤمنون من ظلمكم واعتدى عليكم, فعاقبوه بمثل الذي نالكم به ظلمكم من العقوبة ". وقد نزلت بعد أُحد حيث قُتل حمزة ومُثِّل به، فلما "رأى المسلمون ما فعل المشركون بقتلاهم يوم أُحد من تبقير البطون وقطع المذاكير والمثلة السيئة, قالوا: لئن أظفرنا الله بهم لنفعلن ولنفعلن، فأنزل الله فيهم: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ، وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} ٢. ونزلت الآية الأخرى في "قوم من المشركين لقوا قومًا من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم، وكان المسلمون يكرهون القتال يومئذ في الأشهر الحرم، فسأل المسلمون المشركين أن يكفوا عن قتالهم من أجل حرمة الشهر، فأبى المشركون ذلك وقاتلوهم، فبغوا عليهم وثبت المسلمون لهم، فنصروا عليهم، فأنزل الله هذه الآية"٣.

ومن العقوبات التي جاءت بها الشريعة الجاهلية عقوبة: إقامة الحدود على الجناة، وذلك بالتعزير، وهو الجلد، جلد المخالف الذي لا تكون مخالفته جناية، بل مخالفة بسيطة في مثل مخالفة أوامر الوالدين أو الولي الشرعي وفي الاعتداء على الغير بالشتم والسباب والتحرش بالناس، وما شاكل ذلك من أمور. وعقوبة دفع الغرامات وتعويض الضرر. وعقوبة السجن على الجنايات المهمة، وعقوبة الطرد من البيت أو من المدينة أو من أرض القبيلة والخلع والتبري من الشخص، والحبس في البيت، وعقوبات القصاص.

والقصاص هو القود. والقَوَد قتل النفس بالنفس٤. وقد عبر الفقهاء عن القصاص في القتل بـ"قصاص في النفس"، وعبّروا عن القصاص فيما هو دون القتل بـ"قصاص فيما دون النفس".


١ تفسير الطبري "١٤/ ١٣١"، روح المعاني "١٤/ ١٣٤".
٢ تفسير الطبري "١٤/ ١٣١ وما بعدها".
٣ تفسير الطبري "١٧/ ١٣٦"، روح المعاني "١٧/ ١٧٢".
٤ تاج العروس "٢/ ٤٧٨"، "قود".

<<  <  ج: ص:  >  >>