للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنص: REP. EPIG. ٤١٥٠ صاحباه شقيقان، "شرح عثت أريم" وشقيقه "رثد ثون" تمثالًا إلى الإله "عثتر ذ ذنن" "عثتر ذو ذبان"، "بعل بحر حظيم" حامدين "حمدم" له وشاكرين، إذ من عليهما، وأوفى لهما ما طلبا وسألا، وكان ذلك في أيام "الشرح يحضب ملك سبأ وذي ريدان وابنه وتر"١.

ويلاحظ أن النصين لم يذكرا بعد "وترم" لقبه، ولم يكتبا جملة "ملك سبأ وذي ريدان". ويظهر أنهما كُتبا في أيام انفراد "الشرح يحضب" بالحكم, وتولي ابنه "وتر" إدارة الأمور؛ لمساعدة أبيه فقط، ولم يكن قد منحه أبوه يومئذ حق التلقب بألقاب الملوك.

لقد بلغنا الآن نهاية أيام حكم "الشرح يحضب", لقد رأيناه محاربًا مقاتلًا حارب الحبش، وحارب حمير، وحارب حضرموت، وحارب قبائل أخرى. لا يكاد يعود إلى إحدى عاصمتيه "مأرب" أو صنعاء، ليستقر في قصريه ومقري حكمه: قصر "سلحان" أو "غمدان" وليستريح بعض الوقت، حتى تشتعل ثورة هنا أو هناك تدفعه إلى ترك راحته والإسراع نحوها للقضاء عليها وإخمادها حتى لا يمتد لهيبها إلى مكان آخر. لقد أجهدته هذه الحروب وتلك الفتن، فأتعبت جسمه ونهكت أعصابه، حتى أُصيب مرارا بأمراض وطغى عليه الأرق، وهذا ما حمل المقربين إليه على التوسل إلى آلهتهم؛ لتمن عليه بالشفاء وبنوم هادئ مريح، ولتمنحه الراحة والاستقرار، وتبعد عنه الأتعاب وشر الأعداء الأشرار وحسد الحاسدين، دلالة على كثرتهم وتعبيرًا عن تلك الفتن المتتالية التي كانت في تلك الأيام.

وقد كلفت هذه الحروب وتلك الثورات, العربية الجنوبية أثمانًا باهظة، وأنزلت بها خسائر فادحة في الأرواح والأموال، وأحلت بكثير من مواضعها الدمار والخراب، ونَغَّصَتْ عيش أهلها فجعلتهم في حالة نفسية قلقة مضطربة، بدليل ما نجده من توسلات ترتفع إلى الآلهة تدعوها بأن تمن على عبيدها بنعمة الطمأنينة والهدوء والاستقرار، كما نشرت فيها الأوبئة والأمراض التي كانت تفتك بالناس بالجملة


١ REP. EPIG. ٤١٥٠, VA ٣٨٤٦ + ٥٣٣٤, MAHRAM P.٣٢٨,
REP. EPIG., VII, I, P.١٠٦

<<  <  ج: ص:  >  >>