للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"عمرو بن يعفر بن شرحبيل بن عمرو ذي الأذعار". وزعموا أنه سار إلى وادي الرمل بأقصى الغرب، فلم يجد وراءه مذهبًا، فنصب صنمًا من نحاس، وزبر عليه بالمسند: "هذا الصنم لناشر أنعم، ليس وراءه مذهب، فلا يتكلف أحد ذلك فيعطب"١.

وقد حكم "ياسر أنعم" أو "ناشر النعم" أو "ناشر ينعم" بعد "بلقيس بنت إيليشرح" معاصرة "سليمان" "١٠٢١-٩٨١ق. م."، على رواية من روايات أهل الأخبار٢، أو بعد ثلاثين سنة أو أربعين من حكم "سليمان" لحمير، حيث أخذه منه وأعاده إلى حمير, فملكهم هو، وكان ملكه خمسًا وثلاثين سنة٣. وهكذا رجع أهل الأخبار زمان "ياسر أنعم" إلى ما قبل الميلاد، وصيروه معاصرًا لسليمان، وهو من رجال أواخر القرن الثالث للميلاد.

أما سبب اشتهاره بين أهل الأخبار بـ"ناشر النعم"، أي: "محيي النعم"٤ فلأنه كما يقولون: "أحيا ملك حمير"، أو "لإنعامه عليهم بما قوى من ملكهم, وجمع من أمرهم"٥، أو "لإنعامه على الناس بالقيام بأمر الملك, ورده ذلك بعد زواله"٦. ولفضله العميم هذا على حمير، نعتوه بالنعت المذكور.

ونسب الأخباريون إلى "ناشر النعم" الغزوات والفتوح, زعموا أنه جمع حميرَ وقبائل قحطان, وخرج بالجيوش إلى المغرب حتى بلغ البحر المحيط, فأمر ابنه "شمر يرعش" أن يركب البحر، فركب في عشرة آلاف مركب، وسار يريد وادي الرمل، ونزل "ناشر النعم" على صنم "ذي القرنين" فأخرج عساكره إلى الإفرنج و"السكس" وأرض "الصقالبة"، فغنموا، وسبوا، ورجعوا إليه بسبي عظيم. ولما رجع "شمر" من المحيط إلى أبيه، أمر بمنارة فبنيت إلى جانب منارة ذي القرنين، ثم أمر فكتب في صدر التمثال الذي عليها من النحاس بالمسند: هذا الصنم لياسر أنعم الحميري، وليس وراءه مذهب،


١ صبح الأعشى "٥/ ٢٢".
٢ التيجان "ص٢١٩"، الطبري "١/ ٥٦٦" "طبعة دار المعارف بمصر" مروج الذهب "٢/ ٤ وما بعدها" "تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد".
٣ التيجان "ص٢١٩"، مروج الذهب "٢/ ٤".
٤ التيجان "ص٢١٩".
٥ الطبري "١/ ٥٦٦" "دار المعارف".
٦ حمزة "ص٨٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>