للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلاحظ أن أهل الأخبار قد صيروا اسم "أب كرب أسعد" "أبكرب أسعد" "أبي كرب أسعد" على هذا النحو: "أسعد تبع" و"أسعد تبع بن ملكيكرب" و"أسعد الكامل"، فأسقطوا "أب كرب" "أبكرب" منه، وأخذوا الجزء الأخير منه وهو "أسعد". ويظهر أن فتوحاته كانت قد تركت أثرًا في ذاكرة أهل اليمن، وقد بقي ذلك الأثر إلى الإسلام، ولكن الزمن والعصبية لعبا دورًا خطيرًا في تكييفه حتى طغى عليه الطابع الأسطوري، فوصل إلينا على نحو ما نجده في كتب أهل الأخبار والتواريخ.

وقد تولى هذا الملك -على رأي المستشرقين- الحكم منفردًا من سنة "٤٠٠" بعد الميلاد حتى حوالي سنة "٤١٥" أو "٤٢٠ب. م." على رأي١، أو من سنة "٣٨٥" حتى سنة "٤٢٠ب. م." على رأي آخر٢، أو من سنة "٣٧٨" حتى سنة "٤١٥ب. م." على رأي "فلبي"٣. والذي أراه أن حكمه امتد إلى ما بعد السنة "٤٣٠" للميلاد، كما سأشرح ذلك في موضعه. وقد أضاف إلى لقب "ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت" الذي ورثه من أبيه إضافة جديدة في آخره، هي: "واعربهمو طودم وتهمتم"، أي: "وأعرابها في الجبال وفي التهائم"، فصار بذلك أول ملك يحمل هذا اللقب٤.

ولا بد أن تكون للإضافة التي ألحقت بآخر اللقب معنى سياسي مهم، إذ لا يعقل أن يكون هذا الملك قد ألحقها باللقب اعتباطًا من غير قصد. والظاهر أن الذي حمله على إلحاقها به، هو ظهور أهمية الأعراب، ولا سيما أعراب الهضاب وأعراب جنوب نجد من قبائل "معد" وقبائل تهامة أو التهائم، أي: المنخفضات الساحلية، بالنسبة إلى زمانه إذ صاروا يؤثرون في سياسة العربية الجنوبية تأثيرًا واضحًا، وصار في استطاعتهم إحداث تغيير كبير في الوضع السياسي، فانتبه لقوتهم هذه وأعارها أهمية كبيرة، فأضاف اسمهم إلى اللقب؛ دلالة على سيطرته عليهم وخضوعهم له، كما فعل الملوك الماضون بإضافة أسماء جديدة إلى ألقابهم الملكية كلما أخضعوا أرضًا من الأرضين.


١ Handbuch, S. ١٠٤, Anm. ٣. Background, Pp.١١٦, ١٤٣
٢ Background, P.١٤٣, Beitrage, S. ٢٠, ٤٠
٣ Le Museon, "Note On The Last Kings Of Saba", By Philby, Lxiii, ٣-٤, "١٩٥٠", P.٢٦٩
٤ Le Museon, ١٩٦٤, ٣-٤, P.٤٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>