للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة١. وذكر المسعودي وآخرون أنه حكم مائتي سنة وستين سنة٢, وذكر حمزة أنه ملك عشرين سنة٣. وهكذا هم فيه وفي غيره مختلفون.

وإذا ما استثنينا الأخبار التي رُويت عن تعذيب "ذي نواس" لنصارى نجران، فإننا لا نعرف شيئًا آخر مهمًّا عن أعمال هذا الملك، الذي كان متحاملا جدا على النصارى والنصرانية, حتى إنه راسل ملك الحيرة لكي يؤثر عليه فيحمله على أن يفعل بنصارى مملكته ما يفعله هو بهم٤. ولعله كان يريد بذلك أن يكوِّن حلفا سياسيا مع ملوك الحيرة ومن ورائهم الفرس لمقاومة الحبش الذين كانوا قد وطئوا سواحل اليمن وأقاموا لهم قواعد فيها وعقدوا معاهدات مع الأمراء المنافسين لملوك حمير، وصاروا يحرضونهم على أولئك الملوك؛ ليتمكنوا بذلك من السيطرة على كل من اليمن والتوسع من ثم نحو الحجاز، للاتصال بحلفائهم الروم, والسيطرة بذلك على أهم جزء من جزيرة العرب، والهيمنة على البحر الأحمر والمحيط الهندي، وإنزال ضربة عنيفة بسياسة خصوم الروم، وهم الساسانيون.

وفي حوالي السنة "٥٢٥م" كانت نهاية حكم "ذي نواس"، إذ احتل الأحباش اليمن كما سنرى ذلك فيما بعد.

وفي موضع "سلع"، ويسمى "نخلة الحمراء" وهو خربة عادية، موضع زعم أنه قبر "ذي نواس"، المتوفى في حوالي "سنة ٥٢٥م". وقد فتح الموضع واستخرجت منه آثار فنية ذات قيمة، من بينها تمثالان لزنجيين من البرونز٥.

ويظن بأن ما جاء بنص "حصن غراب" الموسوم بين المستشرقين بـREP. EPIG. ٢٦٣٣ من أن الأحباش فتحوا أرض حمير سنة "٦٤٠" من التقويم الحميري الموافقة لسنة "٥٢٥" للميلاد، وقتلوا ملكها وأقياله الحميريين والأرحبيين، يشير إلى الملك "ذي نواس"، وإن لم يرد بالنص على اسمه٦.


١ التيجان "٣٠١"، الإكليل "٢٢٦".
٢ مروج "١/ ٢٨٠" "المطبعة البهية"، شرح قصيدة ابن عبدون المعروفة بالبسامة "٩١".
٣ حمزة "٨٩".
٤ Die Araber, I, S. Ii
٥ Beitrage, S. ٢٢
٦ Rep. Epig., V, I, P.٥, Glaser, Die Abessinier, S. ١٣١, Mordtmann, In Zdmg., Vliv, "١٨٩٠", S. ١٧٦

<<  <  ج: ص:  >  >>