للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل الميلاد١، ومن عثورهم على أسماء يطورية في كتابات لاتينية ويونانية تشير إلى أنها أسماء عربية الأصل، استدلوا من هذا كله على أنهم من العرب وإن كانوا قد تأثروا بثقافة بني إرم؛ فقد تأثر بهذه الثقافة أكثر العرب الشماليين٢.

ويعلق بعض العلماء أهمية كبيرة على أسماء الأشخاص في إثبات أصولهم. ووجهة نظرهم هذه في الأسماء، هي التي جعلتهم يذهبون إلى أن من ذكرناهم هم عرب في الأصل؛ فإن الطابع الظاهر على أسمائهم هو طابع عربي. وترد تلك الأسماء في الكتابات الصفوية، وأصحابها هم عرب من غير شك، وإن دونوا بقلم نبطي وبلغة نبطية, فالنبط أنفسهم هم عرب، كما أشرت إلى ذلك في مواضع من هذا الكتاب، وكما سأشير إلى ذلك في مواضع تأتي.

إن تدوين أهل الشرق الأدنى لأفكارهم ولما يجول في خاطرهم بلغة بني إرم وقلمهم، جعل من العسير على الباحثين الحكم في أصول الشعوب التي دونت بتلك اللغة, والتي عاشت في الهلال الخصيب. ويدفعنا هذا التدوين إلى وجوب اتخاذ موقف حذر ومتأنٍّ في إبداء آراء قطعية في أصول من ذكرنا، فنظرية الحكم على أصول الناس استنادًا إلى أسمائهم وإن بدت أنها نظرية معقولة مقبولة، لكنها مع ذلك غير علمية؛ فأكثر أسماء المسلمين في هذا اليوم هي أسماء عربية خالصة، ما في ذلك شك، فهل يجوز لنا أن نستنبط من هذه الأسماء بأن حملتها هم من أصل عربي؟ ثم إن علينا أن نتذكر أن أسماء القبائل والأشخاص عند الشعوب السامية هي متقاربة ومتشابهة، وهي واحدة في كثير من الأحايين، بل إن علينا أن نتذكر أن ثقافة تلك الشعوب وآراءها متقاربة، ويعني هذا أن من الواجب علينا ألا نتسرع فنحكم بأن ذلك مأخوذ من هذا الشعب أو من تلك الشعوب، وأن ذلك الشعب أو هذا هو الأصل. فمسألة تشابه الأسماء وتقارنها في النطق، لا يمكن أن تكون في نظري ميزانًا توزن به أصول الناس, وهل يعقل أن يكون الأعاجم المسلمون عربًا؛ لأن أسماءهم عربية، أو أن زنوج الولايات المتحدة هم من أصل أوروبي؛ لأن أسماءهم أوروبية؟.


١ كان يهدد مدينة "دمشق" سنة ٨٣-٨٤ قبل الميلاد، Die Araber, I, S. ٣١٤.
٢ العرب في سورية قبل الإسلام، رينه ديسو "ص١١ وما بعدها"، Die Araber, I, S. ٣١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>