للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يزدجرد" والده. فقد أمده بجيش أفزع أولئك الأقوياء فوافقوا على أن يمنحه التاج، كما سأتحدث عن ذلك في أثناء كلامي على ملوك الحيرة.

ويذكر "الطبري" أن "بهرام" المذكور كان قد رُبِّيَ تربيةً عربيةً؛ ذلك لأن أباه "يزدجرد" "يزدكرد" كان قد أرسله إلى الحيرة لتربيته تربية صحيحة، فأقام في البادية وبين الأعراب حتى شبَّ مثلهم قويا شجاعا مغامرا، ينظم الشعر بالعربية، ويتكلم بها بطلاقة وفصاحة. ويرى بعض المؤرخين المحدثين أن إقامة "بهرام" إنما كانت في قصر الخورنق, ويرون أن بناء هذا القصر كان قد تم قبل ذلك بزمن, ويرون أن إرساله إلى الحيرة، لم يكن على نحو ما زعمته الروايات العربية، وإنما كان نفيًا له في الواقع لخلاف بينه وبين أبيه, ولأن أباه لم يكن يعطف عليه عطفه على ولديه الآخرين١.

وهذا القسم من تأريخ صلات الساسانيين بعرب الحيرة، واضح ومفصل بالقياس إلى القسم المتقدم، وإنه يدل على أنه أخذ من موارد تأريخية منظمة غير ساسانية, وهي موارد دونها أهل الحيرة أنفسهم، وفي مقدمتهم رجال الكنيسة الذين ألفوا تدوين التواريخ، وقد صار رجال الدين النصارى هم رواة التأريخ وحفظته منذ تفشي النصرانية، فمن هذه الموارد نقل "ابن الكلبي" وأضرابه ممن دونوا تأريخ الحيرة.

وذكر بعض أهل الأخبار أن "كسرى برويز" "كسرى أبرويز"، لما انهزم من "بهرام شوبين"، كان فراره على فرس من خيل رجل من طيء، فنجا بفضله، وذكروا أن ذلك الفرس هو "الضبيب"، وهو من خيل العرب المعروفة٢.

وذكر "حمزة الأصفهاني" أن من جملة قواد "كسرى أبرويز" القائد "فنابرزين"، وهو "نكهان". وكان "فنابرزين" متوليًا على ما يلي الريف من البادية إلى حد الحيرة إلى حدود البحرين، والعرب تسميه "خنابززين ساسان بن روزبة"٣.


١ إيران في عهد الساسانيين "ص٢٦٠".
٢ الاشتقاق "ص١١٧".
٣ حمزة "ص٩١".

<<  <  ج: ص:  >  >>