للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون الآخرين، وبدأ بأصحاب عدي وقال: ويحكم ما أنتم؟ أعرب؟ فما تنقمون من العرب؟ أم عجم؟ فما تنقمون من الإنصاف والعدل؟ فقال له عدي: بل عرب عاربة وأخرى متعربة، فقال: لو كنتم كما تقولون لم تحادّونا وتكرهوا أمرنا, فقال له عدي: ليدلك على ما نقول, أنه ليس لنا لسان إلا بالعربية، فقال: صدقت. ثم صالحوه على الجزية١.

وصالح "صلوبا بن نسطونا" "صاحب قس الناطف" خالد بن الوليد على "بانقيا" و"بسما" بدفع الجزية له, وقد نقبه خالد على قومه. ولما استقام ما بين أهل الحيرة وبين خالد واستقاموا أتته دهاقين "الملطاطين"٢، وأتاه "زاذ بن يهيش" دهقان فرات سرايا، و"صلوبا بن بصبهري"، فصالحوه على ما بين الفلالج إلى "هرمز جرد"، ودخل أهل "البهقباذ" الأسفل وأهل "البقباذ" الأوسط والأماكن التابعة للمذكورين في الصلح٣ ونزل خالد الحيرة، واستقام له ما بين الفلاليج إلى أسفل السواد، وأقر المسالح على ثغورهم، ورتب القواد وموظفي الخراج وسائر الأعمال استعدادًا لطرد الفرس٤.

وكان أهل الأنبار عربًا، يكتبون بالعربية ويتعلمونها، وكان عليهم حينما بلغها "خالد" "شيرزاذ" صاحب "ساباط". ولما وجد الفرس أن من غير الممكن لهم الوقوف أمام المسلمين، تركوا المدينة لخالد، وخرج "شيرزاذ" في جريدة خيل ليلحق بأصحابه، ثم صالح أهل "كُلواذى"٥، ثم قصد خالد "عين التمر" وبها يومئذ "مهران بن بهرام جوبين" في جمع عظيم من العجم، و"عقة بن أبي عقة" في جمع عظيم من العرب من النمر وتغلب وإياد ومن لافَّهم، فهجم خالد على عقة ومن معه من العرب، فأسره وانهزم عسكره،


١ الطبري "٣/ ٣٥٩ وما بعدها".
٢ "ومنه حديث علي -كرم الله وجهه-: فأمرتهم بلزوم هذا الملطاط حتى يأتيهم أمري، يريد به شاطئ الفرات"، اللسان "٧/ ٤٠٨" "صادر"، مادة "ملط"، الطبري "٣/ ٣٦٧"، البلدان "١/ ٣٣١"، "بيروت ١٩٥٥م"، البكري، معجم "١/ ٢٢٢"، "طبعة السقا"، اليعقوبي "١/ ١٣١"، مراصد الاطلاع "١/ ١٢٣".
٣ الطبري "٣/ ٣٦٨".
٤ الطبري "٣/ ٣٧٢ وما بعدها".
٥ الطبري "٣/ ٣٧٤ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>