للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عدي، وفيها على عادة الأخباريين في رواية أمثال هذا القصص شعر نسب بعضه إلى هؤلاء الأبطال، ونسب بعضه الآخر إلى شعراء أقحمت أسماؤهم في القصة ليؤكد واضعوها ولا شك صدق حديثهم، وليلونوا كلامهم بعض التلوين.

ونجد قصة الزباء وجذيمة وقصير المطالب بالثأر في شعر ينسب إلى "عدي بن زيد العبادي"، جاء فيه:

ألا أيها الملك المرجى ... ألم تسمع بخطب الأولينا

دعا بالبقة الأمراء يومًا ... جذيمة عصر ينحوهم ثبينا

فطاوع أمرهم وعصى قصيرًا ... وكان يقول لو تبع اليقينا

ثم يستمر في نظم القصة شعرًا حتى تنتهي. وقد ختمت بنصح للإنسان ليتعظ بالحوادث والمنايا، التي لا تعرف أحدًا مهما كانت درجته ومنزلته، إلا أخذته، ثم صيرته أثرًا بعد عين١.

وذكر أهل الأخبار أن "الزباء" كانت تأتي الحصون، فتنزل بها، فلما نزلت بـ "مارد"، حصن دومة الجندل، وبالأبلق، حصن تيماء، قالت تمرد مارد وعز الأبلق، فذهبت مثلًا٢.

ولم يبخل الأخباريون على الزباء، فمنحوها أبياتًا زعموا أنها قالتها، وجعلوها أديبة في العربية بليغة إلى أعلى درجات البلاغة. لها حكم وأمثال بهذه العربية، عربية القرآن الكريم. ولا غرابة في ذلك، فالذي ينسب شعرًا عربيًّا إلى آدم وإبليس ويرويه مشكلًا مضبوطًا على وفق قواعد النحو والصرف، لا يعجز عن رواية شعر ينسب إلى "عمرو بن الظرب" وإلى ابنته الزباء.

وذكر أن معاوية ذكر في أحد مجالسه "الزباء" وابنة "عفزر"، فقال: "إني لأحب أن أسمع حديث ماوية وحاتم، فقال رجل من القوم: أفلا أحدثك يا أمير المؤمنين؟ فقال: بلى، فقال: إن ماوية بنت عفزر، كانت ملكة وكانت تتزوج من أرادت"٣.


١ الشعر والشعراء "١١٢ وما بعدها"، "عدي بن زيد العبادي"، وفي الكتب الأخرى اختلاف في الألفاظ والعبادات، مروج "٢/ ٧٣"، "دار الأندلس".
٢ مروج "٢/ ٧٣"، "دار الأندلس".
٣ البيان والتبيين "٣/ ٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>