للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويراد بـ "ترمود" مدينة "تدمر"١. وقد اشترك عدد كبير من اليهود في صفوف أعداء الزباء، واشتركوا مع الفرس في حروبهم مع تدمر كما اشتركوا مع الرومان. وقبض على عدد من الأحبار أحضروا إلى الملكة كانوا يحرضون الناس على التدمريين٢.

أما "تمود"، الذين هلكوا قبل هلاك "ترمود"، فهم قوم ثمود. ويظهر أنهم حلت بهم نكبة أدت إلى هلاكهم حتى صار هلاكهم مضرب الأمثال. ولم يشر إلى زمن حلول تلك النكبة. ولكن ذلك كان قبل سقوط "تدمر" في أيدي الرومان على كل حال، كما يفهم من كلام الحبر "يهودا" المتوفى سنة "٢٥٧" للميلاد٣.

أما أسباب هذا البغض، فلم تذكر. ويظهر أن هنالك جملة عوامل دعت إلى ظهوره، منها آراء الملكة الفلسفية وآراء الفلاسفة والكتاب الذين كانوا يحيطون بها، وكانوا يبثونها في تدمر وفي البقاع التي استولى عليها التدمريون، فنفقت نفاقًا كبيرًا بين يهود "تدمر" ويهود "الكالوتات" على نهر الفرات، فأثارت هذه الآراء "الإلحادية" عند اليهود حقد الأحبار والمتدينين. ومنها الزواج المختلط الذي انتشر في تدمر بين اليهود وغير اليهود، ونشوء جيل جديد من هذا الزواج أضاع الدين وتقاليد الإسرائيليين. وهو أمر نهي عنه اليهود. ومنها الحالة السياسية التي نشأت من أسر الفرس للقيصر "والريانوس"، وهجوم أذينة على الفرس وما أعقب ذلك من حروب ألحقت ضررًا كبيرًا بالجاليات اليهودية الكبيرة التي كانت تسكن شواطئ الفرات، ومعظمها من التجار الذين كانوا يتاجرون مع الفرس والروم، وبين العرق وديار الشأم، فأصيبت هذه "الكالوتات" اليهودية التي كانت تتمتع بشبه استقلال بأضرار كبيرة، وفقدت استقلالها خلال مدة استيلاء التدمريين على شواطئ الفرات. فلهذه الأسباب كانت نقمة اليهود على التدمريين٤.


١ Oberdick, S., ٨٠, Jebam ١٧b.
٢ ذكر "Oberdick، أمثلة عديدة على ذلك في "ص ٨٠" وما بعدها من كتابه، راجع أيضًا:
Gratz: Geschichte Der Juden, Iv, S., ٣٣٦, Levy, In Zdmg, Xviii, S., ٩٧.
Jost: Geschichte Des Judenthums Und Seiner Sekten, Ii, S., ١٥٦.
٣ Oberdick, S., ٧٩.
٤ Jost: Geschichte Der Juden, ٤, ١٤, ٧, Oberdick, S., ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>