للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما آخر ما عثر عليه من كتابات، فيرجع إلى القرن الثالث بعد الميلاد، على رأيهم أيضًا١. فما عثر عليه من الكتابات الصفوية، هو من عهد تبلغ مدته زهاء أربعة قرون.

وقد أرخت بعض هذه الكتابات بحوادث محلية عرفت عند أصحابها، إلا أنها مجهولة لدينا، لذلك لم نستطع الاستفادة منها في تكوين رأي في زمن كتابتها. فقد أرخ بعضها بسنة وفاة قريب لصاحب الكتابة، أو بوقت نزوله في المكان الذي كتب به الكتابة، أبو بوقت هربه من الرومان أو بعد كذا من الأيام أو من السنين من رؤية قريب له أو وفاته، ومثل هذه الحوادث، لا تفيد المتأخرين شيئًا، ولا تساعدهم في تثبيت زمن تدوينها بوجه صحيح مضبوط. وأرخ بعضها بحوادث أعم، إلا أنها ذكرت بأسلوب فوت علينا معرفة زمان وقوع الحادث بوجه مضبوط، فقد أرخت كتابة منها بـ "سنت نزز اليهد"، أي "سنة الخصام مع اليهود"٢. وهي سنة كان يعرفها صاحب الكتابة وأصحابه. أما نحن فلا نعلم من أمرها شيئًا، فقد خاصم العرب اليهود كثيرًا في تأريخهم. فأية خصومة من تلك الخصومات قصد صاحب الكتابة، فإذا كان قد قصد ثورة العرب أهل اللجاة "Trachonitis" على "هيرود الكبير" الملك المكابي، فهذه الثورة يجب أن تكون قد وقعت فيما بين السنة "٢٣ق. م." والسنة "١٤ق. م."٣. أما إذا كان صاحب النص قد قصد خصامًا آخر، فإننا لا نستطيع التكهن عنه من نصه هذا، لما قلناه من تعدد الخصومات بين العرب واليهود.

وأرخت كتابة أخرى بزمن تمرد صاحب الكتابة على الروم، وذلك سنة مجيء "الميديين" الفرس إلى "بصرى"، "ومرد على رم سنت أتى همذى بصرى"٤ وقصد بـ "همذى" "الماذويين"، أي الميديين من الفرس، ولما كانت الأخبار لم تشر إلى اكتساح الفرس لـ "بصرى" قبل سنة "٦١٤ م"، ظن من عالج هذه الكتابة أن أصحابها قصد استيلاء الفرس عليها في ذلك الزمن، أي في السنين الأولى من سني مبعث الرسول، حيث غلبت الفرس على الروم، كما أشار إلى


١ Winnett, P. I,
٢ Winnett, P. ٩٥.
٣ Winnett, P. ٩٥, Josephus, Antiq, XVI, IX.
٤ F. V. Winnett, Safaitic. P. ١٩. ٣٢٣. M٤٣, Harding ٣٧. T٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>