للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أننا إذا ما وازنا بين ما ذكره الطبري حكاية على لسان ابن الكلبي في عدد ملوك الفرس الذين حكم "امرؤ القيس" في أيامهم، وفي مدة حكمه في عهد كل ملك من هؤلاء الملوك١. وبين ما ذكره حمزة نجد اختلافًا في العدد واختلافًا في المدة، مما يدل على أن حمزة نقل من مورد آخر يختلف عن مورد الطبري٢.

وإذا كانت مدة حكم امرؤ القيس على نحو ما ذكره ابن الكلبي وغير ابن الكلبي من رواة، فكم تكون مدة حياة هذا الملك؟ إنهم لم يعينوا هذه المدة، ولكنها مدة تزيد بالطبع على هذه السنين في نظر أصحاب تلك الروايات، ولم لا تطول؟ وقد ساروا على خطة إطالة أعمار الملوك الأولين. فملك يتجاوز حكمه مئة عام بسنين أمر لا بأس به في نظر هؤلاء الرواة.

غير أننا نلاحظ أنهم بخلوا على الملوك المتأخرين، فلم يمنحوهم هذه النعمة، نعمة إطالة مدة الحكم أو مدة العمر، فجعلوا لهم مددًا مقبولة في الغالب معقولة. ولو عاش هؤلاء المتأخرون في زمن بعيد عن أولئك الرواة، بعيد عن أيام تدوين أخبار ملوك الحيرة، لما حرمهم الأخباريون كرمهم هذا، ولأعطوهم ولا شك ما أعطوه من سبقهم من الملوك جملًا من السنين.

وقد نعت امرؤ القيس في بعض الروايات بـ "المحرق"٣، ونعت أيضًا بـ "محرق الحرب"٤. ونصادف كلمة المحرق ومحرق وآل محرق في مواضع من التواريخ المتعلقة بالحيرة، وقد أطلقها بعض الأخباريين على الغساسنة أيضًا٥. وهم يرون أنها لقب ألحق بأولئك الملوك؛ لأنهم عاقبوا أعدائهم في أثناء غزوهم لهم بحرق أماكنهم بالنار. ويرى "روتشتاين" أنه تفسير لظاهر الكلمة، وهو تفسير مغلوط. والصحيح في نظره أنها اسم علم لأشخاص عرفوا بمحرق، ولذلك قيل "آل محرق" لا "آل المحرق"٦.


١ الطبري "٢/ ٦٥".
٢ حمزة "٦٧".
٣ المعارف "٢٨٢".
٤ Rothstein, S. ٦٤.
٥ "ومحرق أيضًا: لقب الحرث بن عمرو ملك الشام من ال جفنة، وإنما سمي بذلك؛ لأنه أول من حرق العرب في ديارهم، فهم يدعون ال محرق"، اللسان "حرق".
٦ Rothstein, S. ٤٧

<<  <  ج: ص:  >  >>