للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للميلاد، المقابلة لسنة ٢٢٣ من تقويم بصري، التقويم المعمول به في تلك الجهات التي قبر فيها امرؤ القيس١.

ويظهر من نص النمارة أن امرأ القيس صاحب القبر، كان رجلًا محاربًا، وقائدًا كبيرًا، أخضع قبيلتي أسد ونزار، وهزم مذحجًا، وأخضع معدًّا، ووزع بنيه في القبائل، وبلغت فتوحاته أسوار "نجران" مدينة "شمر"، وهو

بهذه الفتوحات قد تمكن من معظم أنحاء الجزيرة. وهذا النص يناقض الروايات التي تنسب الفتوحات العظيمة إلى "شمر يهرعش" "شمر يرعش"، فتجعله فاتح العراق وما وراء العراق إلى الصين، وتعكس القضية عكسًا تامًّا. وروايات فتوحات "شمر"، هي روايات يمانية وضعها أناس متعصبون لليمن ولا شك.

وقد سبق لي أن بينت أن المستشرقين يرون أن "شمرًا" المذكور في هذا النص أي صاحب "نجران"، هو "شمر يهرعش" "شمر يرعش". وقد ذكرته في باب "ملوك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت". ومعنى هذا أن "نجران" كانت في ملكه يوم أغار "امرؤ القيس" عليها فوصل أسوارها، ويظهر أنه لم يتمكن منها وأنه فرض سلطانه على القبائل الساكنة في البادية، فاعترفت بسيادته عليها. ولها لقب في النص بلقب "ملك العرب كلهم الذي نال التاج"، وختمت الكتابة بجلمة "فلم يبلغ ملك مبلغه"، وهي جملة تعبر عن اتساع ملكه وامتداده مسافات شاسعة.

ويظهر من ورود كلمة "التبع" أي التاج في هذا النص أن هذه الكلمة كانت معروفة عند العرب الشماليين في ذلك الحين، أي في القرن الرابع للميلاد، وأنها وردت بالمعنى المفهوم منها في الزمن الحاضر، أي ما يوضع على الرأس تعبيرًا عن الملك والحكم.

ويفهم من هذا النص أن "امرأ القيس" كان قد بسط سلطانه على كل العرب، أي الأعراب، فملكهم وملك خاصة "بني نزار" و"أسد" وقبائل "معد"، وأنه نصب أولاده على القبائل ليضمن طاعتها وخضوعها له، وأن


١ Francis Nau, Les Arabes Chrestiens, P. ٣٢, Rene Dussaud, Arabes En Syrie Avant L'Islam, Paris, ١٩٠٧, P. ٣٥, REP. EPIG, I, ١٩٠٠-١٩٠٥, ٣٦١, NR. ٤٨٣, R. Dussaud, Mission, ٣١٤, J. Cantineau, Le Nebateen, ١٩٣٢, ٤٩, Die Araber, II, S. ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>