للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقتله. فنادى عروة: واجوار الملك! فأقبل الناس، وسمع الأسود الهتاف، وقرر الانتقام ممن خرق جوار الملك. وهرب الحارث منه١.

ولما هرب الحارث تنقل في القبائل، فلجأ إلى صديق له من كندة. فطلبه الملك فشخص من عند الكندي، وأضمرته البلاد حتى استجار بزياد أجد بني عجل ابن لجيم، فقام بنو ذهل بن ثعلبة وبنو عمرو بن شيبان، فقالوا لعجل: أخرجوا هذا الرجل من بين أظهركم، فإنه لا طاقة لنا بالشهباء والدوسر، وأبت عجل ذلك عليهم، فلما رأى الحارث ذلك، كره أن تقع الفتنة بينهما بسببه، فارتحل من بني عجل إلى جبلي طيء، فأجاروه، فمكث عندهم حينًا. ثم إن الأسود لما أعجزه أمره، أرسل إلى جارات كن للحارث بن ظالم استاقهن وأموالهن، فبلغ ذلك الحارث، فخرج من الجبلين، حتى علم مكان جاراته، فأتاهن، واستنقذهن، واستاق إبلهن، فألحقهن بقومهن. واندس إلى بلاد غطفان حتى أتى سنان بن أبي حارثة المري، وهو أبو هرم بن سنان ممدوح زهير. وكان الأسود قد استرضع ابنه شرحبيل عند سنان، ترضعه امرأته. فاستعار الحارث سرج سنان، وهو في ناحية الشرية، فأتى به سلمى امرأة سنان، وقال لها: يقول لك بعلك، ابعثي شرحبيل مع الحارث، وهذا سرجه لك آية. فدفعته إليه، فأتي به من ناحية من الشرية فقتله، وهرب من فوره، وهرب سنان لما سمع بخبر قتله.

فلما بلغ الأسود قتل ابنه شرحبيل غزا بني ذبيان، فقتل وسبى، وأخذ الأموال وأغار على بني دودان رهط سلمى، ثم وجد بعد ذلك نعلي شرحبيل في جانب الشرية عند بني محارب بن خصفة، فغزاهم وأسرهم وأحمى لهم الصفا، وقال إني أحذيكم نعالًا، فأمشاهم عليها، فسقطت أقدامهم، ثم إن سيار بن عمرو ابن جابر الغزاوي احتمل للأسود دية ابنه ألف بعير، ورهنه بها قوسه، فوفاه بها.

ثم هرب الحارث، فلحق بمعبد بن زرارة فاستجار به، فأجاره، وكان من سببه وقعة رحرحان، ثم هرب حتى لحق بمكة، ثم غادرها إلى الشأم، فلحق بيزيد بن عمرو الغساني، فأجاره وأكرمه، ومكث عنده. ثم افتقد يزيد ناقة له، ولم يعلم خبرها، فأرسل إلى الخمس التغلبي، وكان كاهنًا، فسأله عنها،


١ نهاية الأرب "١٥/ ٣٤٨ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>